على أن "العقد الاجتماعي" الذي نرى في نظرة مؤخرة أنه كان أكثر كتب روسو ثورية، أثار ضجة أقل كثيراً مما أثارته "هلويز الجديدة". فلقد كانت فرنسا مهيأة للانفراج العاطفي والحب الرومانسي، ولكنها لم تتهيأ لمناقشة الإطاحة بالملكية. وكان هذا الكتاب أكثر ما أنتج روسو إلى ذلك الحين من حجج مدعمة، ولم يكن تتبعه سهلاً كتتبع دعايات فولتير المتألقة. ونحن الذين راعنا ما لقي من ذيوع متأخر، يدهشنا أن نعلم أن شعبيته وتأثيره بدأ بعد الثورة لا قبلها (٣٤). ومع ذلك نرى دالامبير يكتب لفولتير في ١٧٦٢ قائلاً:"لا جدوى من مهاجمة جان-جاك أو كتابه بصوتٍ عالٍ جداً، فهو أشبه بملك في السوق" ("ليزال"(٣٥) -أي بين العمال الغلاظ في سوق باريس المركزية، وبالتضمين-بين جماهير الشعب). ولعل هذا كان غلواً في القول، ولكن لنا أن نعتبر عام ١٧٦٢ تاريخاً لتحول الفلسفة من مهاجمة المسيحية إلى نقد الدولة.
وقل من الكتب ما أثار مثل هذا النقد الكثير. وقد أشر فولتير على نسخة من "العقد الاجتماعي" بردود على الهامش، فرداً على ما أشار به روسو من إعدام من يذنب بالكفر الإيجابي كتب "كل إكراه في العقيدة مرذول (٣٦) ". ويذكرنا العلماء بقدم الدعوى بأن السيادة مستقرة في الشعب، فقد قدم مارسيليوس البادوادي، ووليم أوكيم، وحتى اللاهوتيون الكاثوليك أمثال بيللارمين، وماريانا، وسواريز، هذه الدعوى كأنها الضربة خلف ركب الملوك. وقد ظهرت من قبل في كتابات جورج بوكانان وجروتيوس، وملتن، والجرنون سدني، ولوك، وبوفندورف … إن "العقد الاجتماعي" شأنه شأن فلسفة روسو السياسية والأخلاقية كلها تقريباً، هو صدى وانعكاس لجنيف بقلم مواطن على بعد كافٍ يتيح له تمجيدها دون أ، يحس بمخالبها. لقد كان الكتاب مزيجاً من جنيف وإسبرطة، من "قواعد" كلفن و "قوانين" أفلاطون.
وبين عشرات النقاد ذلك التناقض بين النزعة الفردية في مقالي "روسو" وحرفية القانونية في "العقد الاجتماعي". لقد رفض فيلمر في كتابه Parriarcha