جانج قضى حياته كلها يبحث عن صورة أصلية من عمل وانج ويه (١).
وأعظم المصورين في عهدة أسرة تانج، وأعظم المصورين في الشرق الأقصى كله بإجماع الآراء، رجل علاً فوق فروق مدرستي التصوير السالفتي الذكر، وكان من الذين حافظوا على التقاليد البوذية في الفن الصيني، واسم هذا المصور وو دَوْ - دزه؛ ولقد كان في الحق خليقاً باسمه فإن معنى هذا الاسم هو وو أستاذ الدو أو الطريقة، ذلك أن جميع التأثرات والأفكار المجردة، التي وجدها لو دزه وجوانج دزه أدق من أن تعبر عنها الألفاظ، وقد بدت وكأنها تنساب انسياباً طبيعياً في صورة خطوط وألوان يجري بها قلمه، ويصفه أحد المؤرخين الصينيين بقوله:"إنه كان شخصاً معدماً يتيماً، ولكنه وهب فطرة إلهية، فلم يكد يلبس قلنسوة البلوغ حتى كان من أساتذة الفن، وحتى غمر لو - يانج بأعماله". وتقول الروايات الصينية إنه كان مغرماً بالخمر وبأعمال القوة، وإنه كان يعتقد - كما يعتقد الشاعر الإنكليزي بو Poe - أن الروح تخرج أحسن ثمارها تحت تأثير قليل من السكر (٨١). وقد برز في كل موضوع صوره؛ في الرجال والأرباب والشياطين وفي تصوير بوذا بأشكال مختلفة، وفي رسم الطيور والوحوش والمباني والمناظر الطبيعية - وكانت كلها تأتيه طائعة لفنه الخصيب؛ وبرع في الرسم على الحرير والورق والجدران الحديثة الطلاء فكانت هذه كلها عنده سواء. وقد أنشأ ثلاثمائة مظلم للهياكل البوذية منها مظلم يحتوي على صورة ألف شخص لا تقل شهرته في الصين عن شهرة "يوم الحساب" أو صورة "العشاء الأخير" في أوربا. وكانت ثلاث وتسعون صورة من صوره في معرض الصور الإمبراطوري في القرن الثاني عشر بعد أربعمائة سنة من وفاته، ولكنها لم يبق منها شيء في مكان ما في الوقت الحاضر. ويحدثنا الرواة أن الصور التي رسمها لبوذا "قد كشفت عن أسرار الحياة
(١) لم يبق إلا صور منسوخة منها: أهمها "مسقط ماء" محفوظة الآن في معبد شسا كوين في كمبوتو (٧٩) وملف (في كل من المتحف البريطاني ومتحف فرير) كتب عليه: "منظر وانج جوان".