والموت". وقد بلغ من تأثير صوره التي تمثل الحشر أن ارتاع من رؤيتها بعض القصابين والسماكين فنبذوا حرفتيهم المشينتين غير البوذيتين.
ولما رسم صورة تمثل رؤيا منج هوانج أيقن الإمبراطور أن وو قد رأى هو أيضاً رؤيا مثلها (٨٢). ولما أرسل الملك وو ليرسم منظراً على ضفة نهر جيالنج في ولاية سشوان هاله أن لا يعود الفنان دون أن يرسم خطاً واحداً، فقال له وو: "لقد وعيته كله في قلبي". ثم انفرد بنفسه في حجرة من حجر القصر وأخرج، كما يؤكد لنا المؤرخون، مناظر تمثل ألف ميل (١). ولما أراد القائد باي أن ترسم له صورة طلب إليه وو ألا يقف أمامه ليرسمه، بل أن يلعب بالسيف، فلما فعل أخرج المصور له صورة لم يسع معاصريه إلا أن يقولوا أنها قد أوحي إليه بها ولم تكن من عنده. وقد بلغ من شهرته أن أقبلت "شانج - آن" على بكرة أبيها لتشاهده وهو يختتم رسم بعض الصور البوذية في هيكل شنج شان. ويقول مؤرخ صيني من مؤرخي القرن التاسع إنه لما أحاط به هذا الجمع الحاشد "رسم الهالات بسرعة عجيبة عنيفة بدا للناس معها كأن يده يحركها إعصار، وصاح كل من رآه أن إلهاً من الآلهة كان يساعده" (٨٥): ذلك أن الكسالى لا يفتئون يعزون العبقرية "لوحي" يوحى لمن ينتظر هذا الإيحاء.
وتقول إحدى القصص الطريفة إنه لما طال الأجل بوو رسم منظراً طبيعياً كبيراً، ودخل في فم كهف مصور في هذا المنظر، ولم يره أحد بعد دخوله فيه (٨٦). ولا جدال في أن الفن لم يصل قط إلى ما أوصله إليه هو من إتقان وإبداع.
وأصبح الفن في عهد أسرة سونج شهوة عارمة عند الصينيين، ذلك أنه بعد أن تحرر من سيطرة الموضوعات البوذية عليه غمر البلاد بما لا يحصى من الصور المختلفة، ولم يكن الإمبراطور هواي دزونج نفسه أقل الثمانمائة الرسامين المشهورين في أيامه.
(١) اقرأ رأي كروسي القائل بأن الفن هو الفكرة نفسها لا طريقة إخراجها.