ويجب أن تهدف تربية الفتيات إلى إخراج أمثال هؤلاء النساء. يجب أن يربين في البيت على أيدي أمهاتهن، وأن يتعلمن كل فنون البيت، من الطهو إلى التطريز، وأن يحصلن الكثير من الدين، بأسرع ما يمكن، لأن من شأن هذا أن يعينهن على الحشمة، والعفة، والطاعة. وعلى البنت أن تقبل دين أمها دون جدل، ولكن على الزوجة أن ترتضي دين زوجها (٨٩) على أية حال لتتجنب الفلسفة وتحتقر حياة الصالونات (٩٠). على أنه يجب ألا تكره الفتاة على الإحجام الغبي، فينبغي أن تكون خفيفة الروح، مرحة، تواقة، وأن تغني وترقص كما تشتهي، وتستمتع بكل لذات الشباب البريئة، ولتذهب إلى المراقص والألعاب الرياضية، وحتى إلى المسارح-تحت الملاحظة الواجبة وفي صحبة طيبة (٩١). ويجب العمل على أن يظل ذهنها نشيطاً يقظاّ إن أريد بها أن تكون زوجة صالحة لرجل مفكر "ولا بأس بأن يُسمح لها بقدر من التدلل" باعتبار هذا جزءاً من اللعبة المعقدة التي تختبر بها خطابها وتختار زوجها (٩٢). إن الرجل هو موضوع الدراسة الصحيحة لجنس النساء (٩٣).
فإذا ثبت هذا المثل الأعلى للفتاة والمرأة في آمال إميل جاز له أن يخرج ويبحث عن زوجته. وهو الذي يختار، لا أبواه ولا معلمه. ولكن من واجبه نحوهم ونحو حدبهم عليه سنيناً طوالاً، أن يستشيرهم في احترام. أتريد أن تذهب إلى المدينة وتتطلع إلى الفتيات اللاتي يعرضن هناك؟ حسناً جداً، سنذهب إلى باريس وسترى بنفسك حقيقة هؤلاء الأوانس المثيرات. وهكذا يعيش إميل برهة في باريس ويختاط بـ "المجتمع الراقي". ولكنه لا يجد فيه فتاة من النوع الذي وصفه له معلمه الماكر "إذن وداعاً يا باريس الذائعة الصيت، بكل ما فيكِ من ضجيج ودخان وقذارة، حيث كفت النساء عن الإيمان بالشرف، والرجال عن الإيمان بالفضيلة، إننا نبحث عن الحب والسعادة والبراءة، وكلما بعدنا عن باريس كان خيراً لنا (٩٤).
وعليه يقفل المعلم وتلميذه إلى الريف، وإذا هما يصادفان صوفي في قرية هادئة نائية عن الزحام المجنون. هنا (الكتاب الخامس) تتحول