أما الحيران فكانا مرشال ومرشالة لكسمبورج. وقد خشيا أن يتورطا في الأمر لو قبض على روسو (٢)، فحثاه هو وأمير كونتي على الهروب إلى سويسرا، وأعطوه مبلغاً من المال وعربة لعبر بها الطريق الطويل من فرنسا إلى سويسرا. وأذعن روسو على مضض. وترك تريز في رعاية المرشالة. وبرح مونمورني في ٩ يونيو. في ذلك اليوم حضر مرسوم بالقبض عليه ولكنه نُفذ ببطء رحيم، لأن الكثيرين من رجال الحكومة سرهم أن يتركوه يهرب. وفي ذلك اليوم ذاته قال الأستاذ أومير جولي دفلوري لبرلمان باريس وهو يلوح بنسخة من إميل:
"يبدو أن هذا العمل ألف لهدف واحد هو رد كل شيء إلى الدين الطبيعي، وتطوير ذلك النظام الإجرامي في خطة المؤلف لتربية تلميذه … "
وأنه ينظر إلى جميع الأديان على أنها تستوي في الخير، وعلى أنها كلها منبعثة من مناخ الناس، وحكومتهم وطبعهم .. وأنه بناء على هذا يجرؤ على هدم صحة الكتاب المقدس والنبؤات، ويقينية المعجزات الواردة في الأسفار المقدسة. وعصمة الوحي، وسلطان الكنيسة .. وهو يسخر من الدين المسيحي ويجدف عليه. ذلك الدين الذي هو وحده من صنع لله.
ومؤلف هذا الكتاب الذي جرؤ على وضع أسمه عليه يجب القبض عليه بأسرع ما يمكن. ومن الأهمية لمكان، أن تجعل العدالة-من المؤلف وأولئك الذين … شاركوا في طبع هذا الكتاب وتوزيعه-مثلاً وعبرة للناس بكل صرامة.
ومن ثم فقد أمر البرلمان:
بأن يمزق الكتاب المذكور ويحرق في فناء القصر (قصر العدالة) أسف السلم الكبير، بيد كبير الجلادين، وعلى كل الذي يملكون نسخاً من الكتاب أن يسلموها إلى المسجل لإبادتها، ومحظور على الناشرين طبع هذا الكتاب أو توزيعه، وسيقبض على جميع بائعيه وموزعيه ويعاقبون طبقاً لنص القانون الصارم، ويجب القبض على ج-ج روسو وزجه في سجن الكونسيرجري في قصر العدالة (٣).