ديني لأكل الله نفسه؛ وأشباه هذه الاحتفالات الدينية وجدناها بكثرة في القبائل البدائية، وكانت العادة أن يطلب إلى الناس أن يصوموا عن الطعام فترة قبل أكل التمثال المقدس، وكان الكاهن ساعتئذ يقول بعض العبارات السحرية ليحول بها التمثال المأكول إلى إله حقيقي.
ولئن بدأ السحر بالخرافة فإنه ينتهي بالعلوم، فألوف من أغرب العقائد جاءت نتيجة للفكرةا لروحانية القديمة، ثم نشأ عنها صلوات وطقوس عجيبة؛ فقبيلة "كوكى" Kukis كانت تلهب حماسة أبنائها في القتال بزعمها لهم أن الأعداء القتلى سيكونون لهم عبيداً في الحياة الآخرة؛ ولكنك من ناحية أخرى ترى الرجل من قبيلة "بانتو" Bantu إذا قتل عدواً له، حلق رأس نفسه، وطلى نفسه بروث الماعز، ليمنع روح الميت من العودة إليه والفتك به، وتكاد الشعوب البدائية كلها تجمع على فعل اللعنات وشر "العين الحاسدة" فلم يشك الأستراليون الأصليون في أن اللعنة ينطق بها الساحر القوي، تقضي على حياة اللعين وإن يكن منه على بعد مائة ميل؛ وبدأت العقيدة في السحر في أوائل مراحل التاريخ الإنساني، ولم تَزل عن الإنسان قط زوالا تاما؛ وعبادة الأصنام وغيرها مما يكون له قوة سحرية كالتمائم، أرسخ في القِدَم من السحر نفسه وأثبت منه جذوراً في النفوس؛ ولما كانت التمائم تُحَددُ لها مناطق القوة، بمعنى أن يكون لكل تميمة أثر في ناحية معينة دون غيرها، فإنك ترى بعض الشعوب تُثقِل أنفسها بأحمال منها لكي يكونوا على أهبة الاستعداد لكلما عسى أن تفجأهم به الأيام والأحجية إن هي إلا صورة متأخرة في الظهور، ومَثل من الأمثلة التي تعاصرنا، من الأصنام أو ما إليها من ذوات القوة السحرية، فنصف سكان أوروبا يلبسون المُدليَات والتمائم ليستمدوا بواسطتها وقاية ومعونة من وراء الطبيعة؛ إن تاريخ المَدنية ليعلمنا في كل خطوة من خطوات سيره، كم تبلغ قشرةُ الحضارة من الرقة والوهن، وكيف تقوم المدنية على شفا جُرُف هارٍ فوق