للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غنائي دون ابتذال، وإنشادها دون أن يرهق الإنشاد السامعين. وقد أنفذ فكرته بطريقة رضي عنها الجمهور رضاء عظيماً، مما حقق له ولأمته مفخرة كبرى (٦٧) ".

وحمل تسينو إصلاحاته إلى فيينا في ١٧١٨، ثم اعتزل راضياً ليخلى الجو لمتاستازيو في ١٧٣٠ وعاد إلى البندقية وعشرين عاماً من السلام. أما متاستازيو فقد لعب دور راسين لكورنيي تسينو كما قال جولدوني، فأضاف الصقل إلى القوة، وارتفع بالشعر الأوبرالي إلى قمة لم يرتفع إليها من قبل. وقد وضعه فولتير في مصاف كبار الشعراء الفرنسيين؛ وعده روسو الشاعر المعاصر الوحيد الذي يصل شعره إلى القلب. واسمه الأصلي بييترو تراباسي (بيتر كروس). وقد سمعه ناقد مسرحي يدعى جان فنتشنتو جرافيا يغني في الشوارع؛ فتبناه؛ وسماه من جديد متاستازيو (وهو المقابل اليوناني لتراباسي). وأنفق على تعليمه: وخلف له ثروة عند مماته. وراح بييترو يبدد هذه الثروة في غير تحرج، ثم تعاقد مع محامٍ فرض علي شرطاً هو ألا يقرأ أو يكتب بيتاً واحداً من الشعر. ومن ثم أخذ يكتب تحت اسم مستعار.

وفي نابلي طلب إليه المبعوث النمساوي أن يكتب غنائيات لكنتاتا؛ وألف بوريورا الموسيقى، وغنت الدور الرئيسي ماريانا بورلجاريللي المشهورة يومها باسم لارومانينا، وسار كل شيء على ما يرام. ودعت المغنية الكبرى الشاعر إلى صالونها، وهناك التقى بليو وفنتشي وبرجوليزي وفارينللي وهاشي والساندرو ودمنيكون سكارلاتي؛ وتطور متاستازيو سريعاً في تلك الصحبة المثيرة. ووقعت لارومانينا في غرامه وكانت في الخامسة والثلاثين أما هو ففي الثالثة والعشرين. وخلصته من شباك المحاماة وأخذته رفيقاً مع زوجها الكيس المتسامح؛ وأوحت إليه بكتابة أشهر نصوصه " Didone Abandonata ديدوني المهجورة" التي لحنها إثنا عشر ملحناً متعاقباً بين ١٧٢٤ و ١٨٢٣. وفي ١٧٢٦ كتب "سيروي" لحبيبته وبنى عليها فنتشي وهاشي وهندل أوبرات مستقلة. وأصبح متاستازيو الآن أكثر النصوص رواجاً في أوربا.