للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣) عصر البشر، وفيه أقر الجميع بأنهم متساوون في الطبيعة البشرية فأقاموا أولى الجمهوريات الشعبية ثم الملكيات (١٠٠).

وقد طبق فيكو الفترة الأولى على التاريخ (الأممي واللاتيني) (غير الكتابي)، فما كان في استطاعته أن يقول إن يهود العهد القديم إنما "اعتقدوا أنهم) يعيشون في ظل حكومات إلهية" دون المساس بالتقاليد المقدسة. ولما كان ديوان التفتيش (وهو في نابلي أشد صرامة منه في شمال إيطاليا) قد حاكم باحثين نابوليين لأنهم تكلموا على بشر وجدوا قبل آدم، فإن فيكو وفق بجهد بين صيغته وبين سفر التكوين بالافتراض بأن جميع ذراري آدم، إلا اليهود، قد ارتدوا بعد الطوفان إلى حالة أقرب إلى الوحشية فسكنوا الكهوف وتسافدوا دون تمييز في شيوعية نساء. ومن (حالة الطبيعة) الثانية هذه تطورات الحضارة بطريق الأسرة والزراعة والملكية والأخلاق والدين. وكان يذكر الدين أحياناً على أنه طريقة أرواحية (لتفسير الأشياء والأحداث) وأحياناً يشيد به باعتباره قمة التطور.

ويقابل مراحل التطور الاجتماعي الثلاث، ثلاث (طبائع) أو طرق لتفسير الكون: اللاهوتية، والأسطورية والعقلية.

وكانت الطبيعة الأولى، بحكم خداع الخيال (وهو أقوى ما يكون في أضعف الناس قدرة على التدليل العقلي)، طبيعة شعرية أو إبداعية، قد نسمها على سبيل التجوز إلهية، لأنها تصورت الأشياء المادية على أنها تحيا بقوة الآلهة … وكان الناس نتيجة لخطأ خيالهم هذا يخافون خوفاً رهيباً من الأرباب التي خلقوها هم أنفسهم .... أما الطبيعة الثانية فهي الطبيعة البطولية، فقد اعتقد الأبطال أنهم من أصل إلهي .... وأما الثالثة فالطبيعة (الطريقة) البشرية، طبيعة ذكية. ومن ثم متواضعة، معتدلة، منطقية، تسلم بأن الضمير والعقل والواجب كلها نواميس (١٠١) ".

وقد حاول فيكو لتاريخ اللغة والأدب والقانون والحكومة