من جمال فائق في الشكل وفي الصقل ليدل دلالة قاطعة على ان هذه الصناعة قد اصبحت فناً من الفنون الجميلة قبل ذلك العهد بزمن طويل. وبعض القطع التي عثر عليها شبيهة بفخار أنو، وتوحى بأن الحضارة الصينية مأخوذة عن حضارة البلاد الواقعة في غربها. وهناك قطع من الاواني الفخارية الجنازية كشفت في هونان وتعزى إلى عهد اضمحلال اسرة شانج ولكنها احد كثيراً من بقايا العصر الحجري الحديث السالفة الذكر.
ولم يعثر المنقبون بعد عذر هذه الاسرة على بقايا من الفخار ذات فنية قبل ايام اسرة هان، ففي عهد هذه الاسرة عثروا على فخار وعثروا فوق ذلك على اول اناء من الزجاج عرف في الشرق الاقصى (١)، وكان انتشار عادة شرب الشاي في عهد اباطرة تانج باعثاً قوياً على تقدم فن الخزف. وقد كشفت العبقرية، او المصادفة المحضة، حوالي القرن التاسع ان من المستطاع صنع اناء مزجج لا منسطحه الخارجي فحسب) كالآنية المصنوعة في عهد اسرة هان وفي حضارات غير حضارة الصين قبل ذلك العهد (، بل زجاجي كله من اوله إلى آخره- اي من خزف حقيقي. وقد كتب احد الرحالة المسلمين المدعو سليمان إلى بني وطنه يقول:"ان في الصين طيناً رقيقاً جميلاً يصنعون منه اواني شفافة كالزجاج يُرى من جدرانها ما في داخلها من الماء". وقد كشفت اعمال التنقيب الحديثة في موضع احدى المدن القديمة عند سر من رأى على نهر دجلة قطعاً من الخزف من صنع الصين. وظهر الخزف بعدئذ في السجلات خارج بلاد الصين حوالي عام ١١٧١ م حين اهدى صلاح الدين إلى سلطان دمشق احدى واربعين قطعة من الخزف (١٠٥).
(١) لقد صنع المصريون الأقدمون فخاراً مزججاً قبل المسيح بقرون عدة لا يمكن تحديدها، وإن ما على أقدم الفخار الصيني من نقوش ليدل على أن الصين قد أخذت طريقة التزجيج عن بلاد الشرق الأدنى.