يمثلا أمام المحكمة. وسلى الشيخ سجنه بتأليفه كتاب "حياة القديسة حنه البطولية، أم مريم، أملتها القديسة حنه ذاتها للأب المبجل مالاجريدا"، وصودر المخطوط بأمر بومبال، وقد وجد فيه عدة سخافات يمكن أن توصف بالهرطقة: فقد قال مالاجريدا أن القديسة حنة حبل بها كما حبل بمريم، دون أن تلوثها الخطيئة الأصلية، وأنها كانت تتكلم وتبكي في بطن أمها (٢٤). وبعد أن عين بومبال أخاه بول دي كارفالو رئيساً لديوان التفتيش في البرتغال، أمر بأن يستدعى مالاجريدا للمثول أمامه، وكتب بيده ورقة اتهام تتهم اليسوعيين بالجشع، والرياء، والدجل، وانتهاك المقدسات، وبتهديدهم الملك بالتنبؤ مراراً بموته. وإذ كان مالاجريدا-الذي بلغ الآن الثانية والسبعين-قد أصبح نصف مخبول لشدة ما كابد من عذاب، فقد أخبر قضاة التفتيش بأنه تكلم مع القديس أغناطيوس لويولا والقديسة تريزا (٢٥). وأراد قاضٍ منهم لأن يقف المحاكمة إشفاقاً على الشيخ فحي بأمر بومبال. وفي ١٢ يناير ١٧٦١ حكمت المحكمة المقدسة بأن مالاجريدا مذنب بالهرطقة، والتجديف، والضلال، وبخداع الشعب بما زعم من إعلانات إلهية له. ومد في أجله ثمانية شهور أخر. وفي ٢٠ سبتمبر سيق إلى المشنقة في البراسا روسيو، فشنق، وأحرق مشدوداً إلى خازوق. وقال لويس الخامس عشر معقباً بعد سماعه بالإعدام "لكأني أحرقت الشيخ المخبول نزيل مستشفى البتيت (ميزون) الذي يزعم أنه الله الأب (٢٦). وكان رأي فولتير في الحادث وهو يسجله "أنه حماقة وسخف مقرونان بشر غاية في البشاعة (٢٧)".
ولم يرقَ جماعة الفلاسفة الفرنسيين ما طرأ على بومبال من تطور، بعد أن كان رأيهم فيه في ١٧٥٨ أنه "مستبد مستنير". لقد رحبوا بالإحاطة باليسوعيين، ولكنهم استنكروا الأساليب التعسفية التي أنتجها الدكتاتور، والنغمة العنيفة التي سرت في نشراته، والوحشية التي لوثت عقوباته. وصدمتهم معاملة اليسوعيين خلال ترحيلهم، وإعدام الأسر العريقة بالجملة، والمعاملة غير الإنسانية التي لقيها مالاجريدا. على أنه لم