مديشي، وكان الفرس والاتراك يقدرونها لا لنعومة ملمسها وشدة بريقها فحسب، بل لأنها فوق هذا تكشف عن وجود السم، فقد كانوا يعتقدون ان تلك الآنية يتغير لونها اذا وضعت فيها مواد مسمومة. وترى اسر الخبيرين المولعين بهذا الفن يتوارثون هذه القطع جيلا بعد جيل؛ ويحتفظون بها احتفاظ الناس باثمن الكنوز.
ولقد ظل الصناع في عهد اسرة منج نحو ثلثمائة عام يبذلون اقصى ما يستطيعون من جهود ليحتفظوا بفن الخزف في المستوى الرفيع الذي بلغه في عهد اسرة سونج، وليس في مقدورنا ان نقول انهم عجزوا عن بلوغ هذه الغاية. وكان في جنج ده- جن خمسمائة اتون لحرق الخزف، وكان البلاط الامبراطوري وحده يستخدم ٩٦٠٠٠ قطعة خزفية لتزيين حدائق القصور وموائدها وحجراتها. وظهرت في ايام هذه الاسرة اول قطع جيدة من الميناء التي حرقت الوانها بعد تزجيجها. واتقن صنع اللون الاصفر الواحد؛ والخزف الازرق والابيض الذي يشبه في رقته قشر البيض، إلى اقصى حدود الاتقان ولايزال القدح الازرق والابيض المطعم بالفضة والمسمى باسم الامبراطور واندلي) اوشن دزونج (يعد من آيات فن الخزف في العالم كله إلى هذه الايام.
وكان هاوشي- جي من ابرع صناع الخزف واعظمهم خبرة في ايام واندلي. وكان في مقدوره ان يصنع اقداحاً للنبيذ لايزيد وزن الواحد منها على جزء من ثمانية واربعين جزءاً من الاوقية، ويروى احد المؤرخين الصينيين ان هاوشي- جي زار في يوم من الايام بيت موظف كبير، واستأذنه في ان يفحص عن وعاء من الخزف ذي ثلاث ارجل يمتلكه هذا الكبير ويعد من أثمن ما صنع في عهد أسرة سونج.