السجن للدين، وكان لهم الحق في أن يلبسوا شعار النبالة وأن
يخاطبوا بلقب "الدون". وكان بعضهم فقراء، وبعضهم انضم إلى المتسولين في الشوارع. وكان معظم النبلاء يعيشون في المدن، ويعينون موظفي الأقاليم.
أما الكنيسة الأسبانية فقد ادعت الحق في نصيب مريح من جملة الناتج القومي بوصفها الحارس الإلهي للوضع الراهن. وقد قدر مصدر أسباني موثوق أن دخلها السنوي بعد الضرائب يبلغ ١. ١٠١. ٧٥٣. ٠٠٠ ريال، ودخل الدولة يبلغ ١. ٣٧١. ٠٠٠. ٠٠٠ ريال (٥). وكان ثلث إيرادها يأتيها من الأرض، ومبالغ طائلة تجمعها من العشور وبواكير الثمار، ومبالغ صغيرة من مراسيم العماد، والزيجات، والجنائز، والقداديس على أرواح الموتى، والحلل الديرية تباع للأتقياء الذين ظنوا إنهم إن ماتوا وعليهم هذه الأرواب فقد يتسللون إلى الجنة دون مساءلة. وأتى الرهبان المستجدون بمزيد من المال بلغ ٥٣. ٠٠٠. ٠٠٠ ريال. على أن أوساط القساوسة كانوا بالطبع فقراء لكثرة عددهم من جهة، فقد كان في أسبانيا ٩١. ٢٥٨ من رجال الكهنوت، منهم ١٦. ٤٨١ كانوا قسساً و٢. ٩٤٣ رهباناً يسوعيين (٦). وفي ١٧٩٧ كان ستون ألف راهب وثلاثون ألف راهبة يعيشون في ثلاثة آلف دير. وكان رئيس أساقفة إشبيلية وموظفوه البالغون ٢٣٥ مساعداً يتمتعون بدخل سنوي مقداره ستة ملايين ريال، أما رئيس أساقفة طليطلة-وكان له ستمائة مساعد-فبلغ دخله تسعة ملايين ريال. وهنا، كما في إيطاليا والنمسا، لم تثر ثروة رجال الدين أي احتجاج من الشعب، فالكاتدرائية من خلقهم، وقد أحبوا أن يروها في زينة بهية.
وقد ضرب تدينهم المثل والقدوة للعالم المسيحي. فلم يلقَ اللاهوت الكاثوليكي في بقعة أخرى في القرن الثاني عشر مثل هذا الإيمان الشامل به، ولا شهدت الطقوس الكاثوليكية من هذا الاحترام الشديد. ونافست الممارسات الدينية السعي وراء العيش، ولعلها فاقت السعي وراء الجنس، باعتبارها جزءاً من صميم الحياة. وكان أفراد الشعب بما فيهم البغايا، يرسمون علامة الصليب مراراً وتكراراً كل يوم. وفاقت عبادة العذراء عبادة المسيح