حتى في أيام الشتاء. وكانت إيزابيللا فارنيزي تملك ذخيرة من ١٦٢٦ مروحة زين بعضها برسوم لرسامين ذوي شهرة قومية.
وكانت الحياة الاجتماعية مقيدة في كل شيء إلا المراقص. فاجتنبت المجتمعات في الأمسيات النقاش الجاد مؤثرة عليه الألعاب والرقص والغزل. وكان الرقص غراماً كبيراً في أسبانيا، وقد أفرخ ألواناً اشتهرت في أوربا. فكانت "الفاندانجو" ترقص على ميزان ثلاثي بالصاجات، أما السجيديللا فيؤديها زوجان أو أربعة أزواج من الراقصين، بمصاحبة الصاجات وبالغناء عادة، وقد اتخذت رقصة مشتقة منها تسمى البوليرو وشكلها حوالي ١٧٨٠، وسرعان ما اكتسبت شعبية مجنونة. وفي رقصة الكونترادانزا كان صف من الرجال يواجه صفاً من النساء في تقدم وتأخر متناوبين، وكأنما يرمز هذا إلى تكتيك الحرب الأبدية بين المرأة والرجل، أو كان أربعة أزواج يؤلفون ويحيطون مربعاً في رقصة فخمة تدعى الكونترا دانزا كوادرادا-أي الكدريل. وكانت حفلات الرقص المقنع تجتذب أحياناً ٣. ٥٠٠ من الراقصين المتحمسين، وكان القوم في المرافع يرقصون حتى مطلع الفجر.
وجعلت هذه الرقصات الحركة شعراً حياً وحافزاً جنسياً. قيل إن المرأة الأسبانية التي ترقص السجيديللا كان في رقصها من الإغراء ما يخرج البابا ومجمع الكرادلة بأسره عن وقارهم (٧٦). وقد وجد كازانوفا نفسه شيئاً يتعلمه في أسبانيا فقال:
"حين أوشك الليل أن ينتصف بدأت أعنف الرقصات وأكثرها جنوناً … وهي الفندانجو، التي ظننت في سذاجتي أنني طالما شهدتها، والتي فاقت (هنا) أشد تصوراتي جموحاً … ففي إيطاليا وفرنسا يحرص الراقصون على تجنب الإيماءات التي تجعل هذه الرقصة أكثر الرقصات شهوانية. ويخطو الزوجان-راقص وراقصة-ثلاث خطوات فقط، ثم يرتميان في مختلف الأوضاع الفاجرة وهما يصحبان الموسيقى بالمصاحبات ويعرضان قصة العشق كلها من مولده إلى ختامه من أول تنهيدة إلى آخر نشوه. فلم أملك لشدة انفعالي إلا أن أصيح عاليا (٧٧) ".