للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد عجب من سماح ديوان التفتيش برقصة مثيرة كهذه إلى هذا الحد، فقيل له أنها "محرمة تحريماً باتاً، لولا أن الكونت أراندا أذن بها لما جرؤ أحد على رقصها".

وارتبطت بالرقص ألوان من الموسيقى الأسبانية كانت من أحبها إلى الشعب، مثال ذلك أن الكانتي فلامنكو أو الغناء الغجري (الفلمنكي) استخدم نغمة شاكية عاطفية كان كل المغنين الغجر يصاحبون بها "السجيديللا جيتانا". ولعل هذه الأغاني الشجية كانت أصداء لألحان مغربية، أو لعلها عكست النوعية المكتئبة للدين والفن الأسبانيين، أو العجز المسخط عن الوصول إلى جسد المرأة، أو انقشاع الوهم عقب الوصال. وقد وفدت نغمة أبهج بوفود الأوبرا الإيطالية (١٧٠٣) وأغاني فازينللي. ولكن "الخصي" العجوز فقد الحظوة في عهد شارل الثالث بعد أن ظل يشدو بأغانيه طوال عهدين، وقد أنزله شارل عن عرشه بهذا السطر "أن الديوك المخصية لا تصلح إلا للأكل (٧٨) ". واتصل النفوذ الإيطالي بمجيء سكارلاتي، وانتصر مرة أخرى بمجيء بوكيريني الذي قدم في ١٧٦٨، وسيطر على موسيقى البلاط على عهد شارل الثالث وشارل الرابع، ومكث بأسبانيا حتى وافاه الأجل (١٨٠٥).

وبحركة عكس هذه الحركة وفق فنشنتي مارتن أي سولار، بعد أن حقق لنفسه الشهرة في أسبانيا، في أن يخرج الأوبرا الإيطالية في فلورنسة، وفيينا، وسانت بطرسبرج ونافست صوناتات أنطونيو سولر على الهاربسكورد صونتات سكارلاتي، وحول دون لويز ميسون "التونادا" أو السولو الصوتية، إلى "التوناد يللو" فاصلاً من الغناء بين فصول المسرحية. وفي ١٧٩٩ أنهى أمر ملكي حكم الموسيقى الإيطالية في أسبانيا بحظر أداء أي تمثيلية ما لم تكتب باللغة القشتالية ويمثلها ممثلون أسبان (٧٩).

والخلق الأسباني لا يمكن صبه في قالب متماثل واحد. فالروح الأسبانية تتفاوت بتفاوت المشهد الطبيعي من ولاية إلى ولاية، وكان الأسبان المتفرنسون الذين تجمعوا في مدريد طرازاً يختلف كل الاختلاف عن المواطنين الذين