في تقرير اختارنا شريك الحياة، وهكذا تزوج (١٧٧٣) خوزيفا بايو، وكان فيها ريعان الشباب، ولها شعر ذهبي، ومكانها في متناوله. وقد استخدمها نموذجاً، ورسم صورتها مراراً، وصورتها المعلقة في البرادو تظهرها متعبة بتكرار الحمل، أو محزونة لخيانات فرانسسكو لها (٩٢).
ثم نقل إلى مدريد (١٧٧٥). وكلفه منجز (١٧٧٦) - بتوصية من من بايو على الأرجح- بأن يرسم لوحات قماشية كبيرة تصلح رسوماً تخطيطية (كرتونات) للمصنع الملكي للنسجيات الذي أنشأه فليب الخامس على غرار مصنع الجوبلان. وغامر جويا الآن برفض خطير، فاتخذ قراراً شكل مستقبله. ذلك أنه أغفل ميل منجز إلى الميثولوجيا الكلاسيكية وتاريخ الأبطال، فرسم على اتساع كبير وبألوان ناصعة الناس الذين ينتمون إلى طبقته وعصره- رسم كدهم وحبهم، ومهرجاناتهم وأعيادهم، ومصارعاتهم مع الثيران ولعبهم بطائرات الورق، أسواقهم ورحلاتهم الخلوية وألعابهم، وإلى هذه الواقعية أضاف في جرأة أشياء تخيلها ولكنه لم يرها قط. أما منجز فقد ارتفع إلى مستوى الموقف: فلم يذم هذا الخروج على التقاليد الأكاديمية، وشعر بنبض الحياة يسري في الأسلوب الجديد، وأعطى هذا التمرد مزيداً من التكليفات. وأنتج جزياً خلال خمسة عشر عاماً خمسة وأربعين كلاتوناً أساسياً لعمله، بينما راح ينتقل إلى مجالات أخرى بثقة متزايدة. واستطاع الآن أن يأكل ويشرب مطمئناً. كتب إلى صديقه زاباترا "أن دخلي يتراوح بين اثني عشر ألفاً وثلاثة عشر ألف ريال في السنة".
على أن نوعاً من البكتريا تطفل على هذا النجاح الذي أصابه ولسنا نعرف مصدر الزهري الذي ابتلي به جويا، ولكنا نعرف أنه مرض مرضاً خطيراً في إبريل ١٧٧٧ (٩٣). وأبلى منه شيئاً فشيئاً، ولكن لعل المرض كان له بعض الأثر في التشاؤم الذي شاب فنه، وربما في فقده السمع في ١٧٩٣. على أنه تملك صحته في ١٧٧٨ بالقدر الذي أتاح له المشاركة في مشروع وضعه شارل الثالث ليذيع في خارج أسبانيا بالنسخ المطبوعة عن الكليشهات ذخائر الفن الأسباني. ولهذا الغرض نسخ جويا ثماني عشرة