مكان، كما تشاء … كل الأفنية الأمامية والأعمدة تلوثها الأقذار، لأن القوم يقضون حاجاتهم بطريقة طبيعية جداً" (٢).
على أن التكيف الحسي جعله يسلم بالأمر الواقع شيئاً فشيئاً.
وكانت البندقية تستمتع بانحلالها اللطيف، فحوالي ١٧٧٨ وصف كارلو جوتسي في مبالغة تغار على الفضيلة ما بدا له أنه انحلال عام في الأخلاق:
"إن منظر النساء وقد انقلبن رجالاً، والرجال نساء، وكلهم نسانيس، وكلهم غارقون … في دوامة الموضة، يفسدون ويغوون بعضهم بعضا بلهفة كلاب الصيد تجري وراء رائحة الفريسة، ويتنافسون في شهواتهم وسرفهم المدمر … ويحرقون البخور … ليريابوس (٣) … (إله الشهوة)".
وفي ١٧٩٧ ألقى اللوم على الفلسفة في هذا الانهيار:
"إن الدين، ذلك الكابح الصحي لشهوات البشر … قد أصبح هزؤوا بين الناس. ولست أملك إلا الإيمان بأن المشنقة مفيدة للمجتمع، لأنها أداة لعقاب الجريمة وردع من تحدثه نفسه بالإجرام. ولكن فلاسفتنا العصريين نددوا بالمشنقة زاعمين أنها تحيز ظالم وهكذا زادوا جرائم القتل على الطريق العام والسرقات وأعمال العنف مائة ضعف".
"وقد أكدوا لنا أن إبقاء النساء في بيوتهن لرعاية بنيهن وبناتهن … والإشراف على خدمة الأسرة واقتصادها، إنما هو تحيز بالٍ وهمي. وللتو انطلقت النساء من بيوتهن معربدات كالباخوسيات، صائحات "الحرية … الحرية … " وغصت الشوارع بهن … وأسلمن أثناء ذلك عقولهن الطائشة إلى الموضات والبدع التافهة، والملاهي ومغامرات الحب ومظاهر الدلال وسائر السفاسف .... أما الأزواج فلم يؤتوا من الشجاعة ما يمكنهم من مقاومة هذا التدمير لشرفهم ومالهم وأسرهم، وخافوا من أن يشهر بهم ويرموا بهذه الكلمة الرهيبة، كلمة "التحيز" … فقد وصفت مكارم الأخلاق،