والحشمة، والعفة، بأنها تحيز … وحين أكرهت جميع هذه التحيزات المزعومة على الهروب … ظهر الكثير من النعم الكبرى والبركات العظمى. كالكفر، والإحاطة بالاحترام والتوقير، وقلب العدالة رأساً على عقب … وتشجيع المجرمين والرثاء لهم، والخيالات الملتهبة، والأحاسيس المرهفة، والغرائز البهيمية، والانهماك في جميع اللذات والشهوات، والترف العاتي … والتفاليس … والخيانات الزوجية (٤)".
ولكن أسباب الانحلال الرئيسية كانت بالطبع اقتصادية وحربية؛ ذلك أن البندقية فقدت ثراءها الذي لها الدفاع عن قوتها وعلى النقيض منها ازدادت قوة غريمتها النمسا البشرية ازدياداً مكنها من السيطرة على كل المداخل البرية إلى بحيرات البندقية، ومن خوض بعض حملاتها الحربية على أرض الجمهورية المحايدة العاجزة.
وفي ٩ مارس ١٧٨٩ انتخب لودوفيكومانن لرئاسة الجمهورية-وكان بذلك آخر الأدواج المائة والعشرين الذين تعاقبوا على كرسي رئاسة البندقية في استمرار رائع منذ عام ٦٩٧. وكان رجلاً ذا ثراء طائل وشخصية هزيلة، ولكن ما كان في طوق الفقر أو الشجاعة أن يردا عنه مأساته. ذلك أن الباستيل سقط في أربعة أشهر، وتسلطت عبادة الحرية على خيال فرنسا، وحين أقبل هذا الدين مع فيالق نابليون اكتسح كل إيطاليا تقريباً تحت رايته وبقوة نشوته. وفرض الكورسيكي الظافر يظاهره ثمانون ألف جندي على ملكة الأدرياتيكي حكومة مؤقتة أملاها بنفسه (١٢ مايو ١٧٩٧) محجاً بأن القوات النمساوية قد استعانت عليه بأرض البندقية، ومتهماً البندقية بأنها ساعدت أعداءه سراً. وفي ذلك اليوم أعطى الدوج مانن قلنسوة الرئاسة لأحد أتباعه بعد أن استقال، وأمره قائلاً "خذها بعيداً عني فلن تحتاج إليها ثاني (٥) " وبعد أيام مات. وفي ١٦ مايو احتلت الجنود الفرنسية المدينة. وفي ١٧ أكتوبر وقع بونابرت في كاميوفورميو معاهدة نقلت البندقية وكل الأقاليم التي تمتلكها تقريباً إلى النمسا في مقابل تنازلات من النمسا لفرنسا في البلجيك وضفة الرين اليسرى. وحدث هذا بالضبط