بعد ألف ومائة عام من انتخاب أول دوج لحكم بحيرات البندقية والدفاع عنها.
أما بارما فكانت محمية أسبانية، ولكن دوقها، والدون فيليبي، ابن فيليب الخامس وايزابيللا فارنيزي، تزوج لويزا اليزابث ابنة لويس الخامس عشر وقد عود نفسه عاداتها المسرفة وجعل بلاطه فرسايا مصغرة. وأصبحت بارما مركزاً للثقافة تختلط فيه أساليب الحياة العالمية في بهجة ومرح. يقول كازانوفا "لقد خيل إلي أنني لم أعد عائشاً في إيطاليا، فكل شيء بدا منتمياً للجانب الآخر من الألب. ولم يكن المارة يتكلمون إلا الفرنسية والأسبانية (٦) ". وقام وزير مستنير يدعى جيوم دوتيو بإصلاحات حافزة للدوقية. هنا كانت تنتج مصنوعات من أبدع أنواع النسيج والبللور والقاشاني.
أما ميلان فقد شهدت توسعاً صناعياً ينبئ في تواضع بما بلغته من تفوق اقتصادي في إيطاليا اليوم. ذلك أن الحكم النمساوي أرخى قبضته على قدرات الأهالي وإقدامهم. وتعاون الكونت كارل يوزف فون فرميان، حاكم لومبارديا، مع الزعماء الوطنيين على تحسين الإدارة، وحد من السلطة الظالمة التي كان يمارسها البارونات الإقطاعيون الأوليجركيون في المدن. وظهرت طائفة من أحرار الاقتصاد يتزعمهم بيترو فري، وتشيزاري بونيزانا دي بيكاريا، وجوفاني كارلي، اعتنقت مبادئ الفيزوقراطيين، وألغوا المكوس على التجارة الداخلية، وأنهوا نظام الالتزام الضرائبي، ووزعوا العبء بفرض الضرائب على الأملاك الكنسية. ونمت صناعة النسيج حتى انتظمت في ١٧٨٥ تسعاً وعشرين شركة تشغل ١. ٣٨٤ نولاً. ومسحت الأراضي، ومولت الدولة مشروعات الري، واشتغل الفلاحون بهمة صادقة. وفي السنوات الإحدى والعشرين فيما بين ١٧٤٩ و١٧٧٠ ارتفع سكان الدوقية من ٩٠. ٠٠٠ إلى ١٣٠. ٠٠٠ (٧). وفي فترة انتعاش ميلانو هذه بنى مجتمعها التياترو الاسكالا (١٧٧٦ - ٧٨)، الذي اتسع لـ٣. ٦٠٠ متفرج تحيط بهم زخارف فاخرة كزخارف القصور، واحتوى تسهيلات