واختير ليقود تمرداً على جنوه. وبعد عامين من القتال أفلح في طرد الجنويين من الجزيرة إلا بعض مدنها الساحلية فلما ولي رئاسة الجمهورية الجديدة بالانتخاب (١٧٥٧ - ٦٨) أظهر في ميدان التشريع والإدارة نبوغاً لا يقل عن نبوغه في استراتيجية الحرب وتكتيكها. فقد وضع دستوراً ديمقراطياً، وقمع الثورات، وألغى حقوق أمراء الإقطاع الظالمة، ونشر التعليم، وأسس جامعة في عاصمته كورتي.
واضطرت حنوه لعجزها عن قهره إلى بيع الجزيرة لفرنسا (١٥ مايو ١٧٦٨) بمليوني فرنك. ووجد باولي الآن نفسه يقاتل جنوداً فرنسيين يعززون بالإمداد المرة بعد المرة. وكان سكرتيره ومساعده في ذلك الوقت كارلو بونابتي، الذي ولد له ابن سماه نابليوني باياتشو في ١٥ أغسطس ١٧٦٩. فلم قهر الفرنسيون باولي في بونتينوفو (مايو ١٧٦٩) طلق هذا النضال الذي لا أمل فيه ولجأ إلى إنجلترا، وهناك منحته الحكومة معاشاً، وأذاع بوزويل اسمه. وكان جونسون واحداً من أصدقائه. على أن الجمعية الوطنية لفرنسا الثورة استدعته من منفاه، وأشادت به "بطلاً وشهيداً للحرية" وعينته حاكماً على كورسيكا، (١٧٩١). ولكن المؤتمر الفرنسي حكم بأن في ميوله اليعقوبية قصوراً، فأرسل لجنة لخلعه، وخف الجنود البريطانيون لنجدته، ولكن القائد البريطاني استولى على الجزيرة وأعاد باولي إلى إنجلترا (١٧٩٥). ثم جرد نابليون قوة فرنسية لتطرد البريطانيين (١٧٩٦)، ورحب أهل الجزيرة بالفرنسيين باعتبارهم موفدين من قبل "الكورسيكي"، وانسحب البريطانيون، وخضعت كورسيكا لفرنسا.
أما توسكاني فقد ازدهرت تحت حكم كبار الأدواق الهابسبورج الذين خلفوا آل مديتشي (١٧٣٨). وبعد أن اتخذ حاكمها الأسمى فرانسوا اللوريني النمسا مقراً له لزواجه من ماريا تريزا، فوض الحكم إلى مجلس وصاية يرأسه زعماء وطنيون نافسوا الميلانيين الأحرار في إصلاحاتهم الاقتصادية، فقد حققوا حرية التجارة الداخلية في الغلال (١٧٦٧) قبل أن يبذل طورجو محاولة كمحاولتهم في فرنسا بسبع سنين. وحين مات فرانسوا