وأعدائه على السواء. وقد أسدى له يوزف النصيحة من فيينا قائلاً:"دعهم يغشونك أحياناً، فهذا خير من أن تعذب نفسك عذاباً متصلاً لا غناء فيه"(١٠). فلما غادر ليوبولد فلورنسة ليخلف يوزف إمبراطوراً (١٧٩٠) انتصرت قوى الرجعية في تسكانيا وأدان البابا بيوس الداس ريكي في ١٧٩٤ وأودعه السجن (١٧٩٩ - ١٨٠٥) حتى سحب هرطقاته. ورد قدوم حكومة نابليون (١٨٠٠) الأحرار إلى سابق سلطانهم.
وهرول جوته إلى روما عبر تسكانيا. استمع إليه وهو يكتب في أول نوفمبر ١٧٨٦:
"وأخيراً وصلت إلى عاصمة العالم العظيمة هذه .. وكأنما طرت طيراناً فوق جبال النيرول. إن شوقي لبلوغ روما كان شديدا .. حتى كان التفكير في التخلف في أي مكان ضرباً من المحال، وحتى فلورنسة لم أمكث فيها سوى ثلاث ساعات. والآن، كما أخالني سأظفر بالهدوء مدى الحياة، فلنا أن نقول إن حياة جديدة تبدأ حين يرى الإنسان بعينيه ما لم يسمع أو يقرأ عنه من قبل إلا قليلاً. وأنا الآن أرى جميع أحلام شبابي تتحقق أمام عيني".
وأي خليط يدير الرؤوس كانت روما القرن الثامن عشر وهي تشغى بالشحاذين والنبلاء، بالكرادلة والخصيان المغنين، بالأساقفة والبغايا، بالرهبان والتجار، باليسوعيين واليهود، بالفنانين والمجرمين، بالفتاك والقديسين، وبالسياح يبحثون عن الآثار نهاراً وعن الغواني ليلاً. وهنا، وعلى اثني عشر ميلاً من أسوار المدينة، مدرجات وثنية وأقواس نصر، وقصور ونافورات من عهد النهضة، وثلاثمائة كنيسة وعشرة آلاف قسيس و١٧٠. ٠٠٠ نسمة. ومن حول الفاتيكان قلعة المسيحية الكاثوليكية، عاش صنف من الرعاع كانوا أشد ما عرف العالم المسيحي صخباً وتمرداً وعداءاً للأكليروس. وكالنت الكراسات البذيئة المهاجمة للكنيسة يطاف بها في الشوارع، والمهرجون يقلدون في سخرية في الميادين العامة أقدس مراسم القداس. ولعل فنكلمان وهو الرجل الحي الرقيق كان يبالغ قليلاً حين قال: