هو شفندمان … وقد طعنه القاتل الذي اشتبك معه عشرين طعنة، فلما أقبل الحارس طعن نفسه. وليس هذا ما يجري به العرف هنا عموماً، فالقاتل عادة يقصد أقرب كنيسة، فمتى بلغها أصبح في مأمن تام" (٣١). وكانت كل كنيسة تعطي المجرم الأمان في حرمها-أي الحصانة من الاعتقال ما بقي تحت سقفها.
وحاول القانون كبح الجريمة بتشديد العقوبة أكثر مما حاولها بكفاية الشرطة. فقد نصت قوانين بندكت الرابع عشر الرحيم على عقوبات التجديف بالجلد، فإذا تكررت الجريمة ثلاث مرات كان عقابها التشغيل خمس سنوات في سفن الأسرى والعبيد. وكان السطو على دير الراهبات ليلاً جناية كبرى، أما مغازلة امرأة شريفة أو معانقتها علانية فعقابه التشغيل المؤبد على هذه السفن. وكان تشويه السمعة الخلقية، حتى إذا لم يحتو غير الصدق يعاقب بالإعدام ومصادرة الممتلكات. (ومع ذلك لم يقلل هذا من المقطوعات الهجائية). ومثل هذه العقوبة فرضت على حمل الطبنجات المخبأة. على أن الجناة كانوا في كثير من المناطق يتفادون هذه الأوامر بالفرار إلى دولة مجاورة أو بفضل رحمة القاضي، أو الاحتماء بالكنيسة. ولكن العقوبات كانت تنفذ بصرامة في حالات عديدة. من ذلك أن رجلاً شنق لادعائه أنه كاهن، وآخر لسرقة ثوباً كهنوتياً باعه بفرنك وربع، وثالث ضرب عنقه لكتابته خطاباً أتهم البابا كلمنت الحادي عشر بعلاقة غرامية مع ماريا كلمنتينا سوبيسكا (٣٢). وإلى تاريخ متأخر (١٧٦٢) كان السجناء تحطم أجسادهم على دولاب التعذيب، عظمة بعد عظمة، أو يسحلون على الأرض في ذيل حصان مهموز. على أن من واجبنا أن نضيف جانباً أكثر إشراقاً على الصورة، هو أن بعض الجماعات كانت تجمع المال لدفع غرامات السجناء وتحريرهم. وغدا إصلاح القانون، سواء من حيث الإجراءات أو من حيث العقوبات، جزءاً طبيعياً من الروح الرحيمة التي أنجبها أبوان-حركة تنوير إنسانية، وأخلاقيات مسيحية تحررت من لاهوت قاس.
ومن مفاخر إيطاليا أن يصدر أقوى نداء يدعو لإصلاح القانون في هذا