للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخطوطات، ودخل دنيا النشر (١٧٥٢) بديوان صغير من "الشعر المنثور" واحترف القسوسة وسيلة للعيش، وحتى بعد هذا اضطر لكسب قوته بإعطاء الدروس الخصوصية لأن إيطاليا اكتظت بالقساوسة. وأرهف الفقر قلمه فاتجه إلى الهجاء. وتأمل في حياة الكثير من نبلاء الإيطاليين العاطلة المترفة فخطر له أن يصف يوماً نموذجاً في حياة شريف ذي "دم أزرق". وفي ١٧٦٣ أصدر أول جزء سماه (الصباح)، وبعد عامين أضاف (الظهيرة)، ثم أكمل الجزء الثالث الذي لم يعش لينشره (المساء) و (الليل)، وهي في مجموعها تؤلف هجائية ضخمة سماها "اليوم" Il Giorno وأبدى الكونت فوني فيرمان نبلاً حقيقياً بتعيينه القس الشاعر محرراً لجازيته ميلان، وأستاذاً للآداب البحتة في "السكولا بالاتينا" ورحب باريني بالثورة الفرنسية، وكافأه نابليون بعضوية مجلس مدينة ميلان. والقصائد الغنائية التي نظمها بين ١٧٥٧ و١٧٩٥ تدع من عيون الأدب الإيطالي الصغيرة. ولا يصلنا بالترجمة إلا صوت خافت منه، كما نسمعه في هذه السوتينته التي توحي بأن كاتبها عاشق لا قسيس:

إيه أيها الكرى الرحيم، يا من تشق بجناحك الرقيق

طريقك الهادئ متعجلاً في الليل البهيم

وتتراءى بالأحلام الكثيرة السريعة

للنفس المضناة على فراشها الساكن:

أذهب إلى حيث تضع "فيليس" رأسها اللطيف

وخدها النضر على الوسادة الهادئة،

وبينما يرقد جسدها روع روحها

برؤيا جسم كئيب خلقته بسحرك،

وليكن شديد الشبه بي،

شوه الشحوب وجهه،

حتى تستيقظ وقد هزها الحنان علي.