ارتكبها الحكام المسيحيون "من قسطنطين"(٩٨). ويمكن القول عموماً:
"إن الدين المسيحي يكاد لا يتفق والحرية … فالشعب، وحكمة التفتيش والمطهر، والاعتراف، والزواج الذي لا انفصام له، ورهبانية الكهنة- هذه هي الحلقات الست في السلسلة المقدسة التي تقيد السلطة الزمنية (الدولة) بقيود أوثق حتى لتزداد على الأيام ثقلاً وامتناعاً على التحطيم"(٩٩).
وبلغ من مقت الفييري للاستبداد أنه نصح باجتناب الخلف أو الزواج إطلاقاً في دولة مستبدة. وبدلاً من أن ينجب أطفالاً، أخرج في خصوبة إيطالية مماثلة أربع عشرة مأساة بين ١٧٧٥، و١٧٨٣، كلها بالشعر المنثور، وكلها كلاسيكية بناء وشكلاً، وكلها يشب الطغيان بسخط خطابي، ويمجد الحرية باعتبارها أشرف من الحياة. فترى ميوله في "البازي" مع محاولة المتآمرين الإحاطة بلورنتسو وجوليانودي مديتشي، وفي "بروتس الأول" و "بروتس الثاني" لم يعف من اللوم تاركوين وقيصر، وفي "فليبو" كان بكل قلبه مع كارلوس ضد ملك أسبانيا، ولكنه في "ماريا ستواردا"(ماري ستيوارت) وجد في رؤساء العشائر الاسكتلندية من الطغيان أكثر مما في الملكة الكاثوليكية. فلما أنتقد على إخضاعه التاريخ لفكرته دافع عن نفسه بقوله:
"سيسمع الناس أكثر من لسان خبيث يقول … أنني لا أصور شيئاً إلا الطغاة في صفحات مفرطة الطول لا لطف فيها، وإن قلمي الدموي المنقوع في السلم يضرب دائماً على نغمة واحدة رتيبة، وأن ربة شعري الفظة لا تنهض إنساناً من العبودية الشريرة، بل تثير ضحك الكثيرين. ولكن هذه الشكاوى لن تحول روحي عن هدف بمثل هذا السمو، ولا تعوق فني مهما كان ضعيفاً غير كفء لتلبية حاجة بهذه الشدة. لا ولن يكون نصيب كلامي أن تبدده الرياح إذا ولد رجال صادقون بعدما يؤمنون بأن الحرية لا غنى عنها للحياة (١٠٠) ".