"كل الذين توسلوا بالقوة أو الحيلة- أو حتى بإرادة الشعب أو النبلاء- إلى القبض التام على أطراف الحكم ويعتقدون أنهم فوق القانون، أو هم كذلك … والطغيان هو الصفة التي يجب أن تنعت بها … أي حكومة يستطيع فيها الشخص أن المنوط بتنفيذ القوانين أن يضعها أو يقضي عليها أو ينتهكها أو يفسرها أو يعرقل سيرها أو يوقفها وهو في مأمن من العقاب"(٩٥).
وعند الفييري أن الحكومة الأوربية كانت مستبدة باستثناء الجمهورية الهولندية والملكيتين الدستوريتين في إنجلترا والسويد. وقد أشاد بالجمهورية الرومانية متأثراً في ذلك بمكيافيللي، وراوده الأمل في أن الثورات ستقيم جمهوريات في أوربا عما قليل. ورأيه أن خير ما يستطيع أي وزير لطاغية مستبد أن يفعله هو أن يشجعه على ألوان من الطغيان تبلغ من الشطط ما يسوف الشعب إلى الثورة (٩٦). والثورة في سنيها الأولى معذورة إذا لجأت إلى العنف لتمنع عودة الاستبداد إلى الحياة:
"وبما أن الآراء السياسية كالآراء الدينية لا يمكن تغييرها تغييراً كاملاً أبداً دون استعمال الكثير من العنف، لذلك كانت كل حكومة جديدة مضطرة لسوء الحظ إلى أن تعنف إلى حد القسوة، بل تظلم أحياناً حتى تقنع أو ربما تكره أولئك الذين لا يرغبون في التجديد ولا يفهمونه ولا يحبونه ولا يرتضونه"(٩٧).
ومع أن الفييري كان نبيلاً، ولقبه الكونت دي كوتيميليا، فأنه أدان الأرستقراطية الوراثية لأنها شكل من أشكال الطغيان أو أداة من أدواته. وأدان بالمثل جميع الأديان المنظمة ذات السلطان. وقد سلم بأن "المسيحية أسهمت بقدر غير قليل في تلطيف العادات الشائعة بين جميع الناس"، ولكنه أشار إلى "الكثير من أعمال الوحشية الغبية الجاهلة" التي