للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال فردريك عنها في ١٧٥٢ "إذا استثنينا ملكة المجر وملك سرينيا (شارل إيمانويل الأول) الذي انتصرت عبقريته على تعليمه الرديء، لم نجد في ملوك أوربا وأمراءها كلهم غير معتوهين مشهورين (٣). لقد فاقتها في فن الحكم إليزابث الأولى ملكة إنجلترا من قبلها، وكاترين الثانية قيصرة روسيا من بعدها، ولم يفقها ملكات غير هاتين. وكانت في رأي فردريك "طموحاً محبة للثأر" (٤). ولكن أكان يتوقع منها ألا تحاول استرجاع سيليزيا التي اغتصبها؟ أما الأخوان جونكور فرأيا فيها "ذهناً متوسطاً جيداً يرافقه قلب محب، وإحساساً سليماً بالواجب، وقدرات مذهلة على العمل، وحضوراً قوياً وجاذبية غير عادية … أماً حقيقية لشعبها" (٥). وكانت غاية في اللطف مع كل من لم يهاجم إمبراطوريتها أو إيمانها؛ وعلى سبيل المثال نذكر استقبالها الحار لأسرة موتسارت في ١٧٦٨ (٦). وكانت أماً فاضلة، ورسائلها لأبنائها نماذج في الرقة والمشورة الحكيمة، ولو أستمع إليها يوزف لما مات إنساناً فاشلاً، ولو أتبعت ماري أنطوانيت نصيحتها لكان من الجائز أن يُعفى رأسها من الجيلوتين.

لم تكن ماريا تريزا ملكة "مستبدة مستنيرة". فهي لم تكن مستبدة. وفي رأي فولتير "أنها وطدت ملكها في جميع القلوب بدماثة طبع وشعبية لم يؤتهما غير قلة من أسلافها، وقد ألغت المراسم والقيود من بلاطها … ولم ترفض مقابلة إنسان، ولم يبرح شخص حضرتها غير راضٍ" (٧). ولم تكن قط مستنيرة بالمعنى الذي يقصده فولتير، فقد أصدرت المراسيم المتعصبة ضد اليهود والبروتستانت، وظلت كاثوليكية صادقة إلى النهاية، وشهدت في هلع تسرب الشكوك الدينية إلى فينا من لندن وباريس، وحاولت أن تصد هذا التيار بتشديد الرقابة على الكتب والدوريات، ومنعت تدريس الإنجليزية "لطابع هذه اللغة الخطر من حيث مبادئها الدينية والخلقية المفسدة" (٨).

ومع ذلك لم تنجُ تماماً من تأثير ذلك العداء للأكليروس الذي كان يكنه مستشاروها وابنها. فقد ذكروا لها أن ممتلكات الأكليروس الإقليمية