عاجزة عن الوفاء بحاجة أهلها الأقوياء، فاندفع المغول (أي البواسل) إلى شن الغارات المستيئسة لامتلاك بلاد أخصب من بلادهم وأوفر منها أرزاقاً. وكان نجاحهم في غاراتهم سبباً في تقوية روحهم العسكرية ونزعتهم الحربية، فلم يقفوا في فتوحهم إلا بعد أن اكتسحت جحافلهم بلاد آسية كلها إلا القليل منها، وأجزاء من أوربا. وتقول الروايات إن قائدهم الجبار جنكيز خان قد ولد وفي كفه جلطة من الدماء، فلما بلغ الثالثة عشرة من عمره أخذ يؤلف بين قبائل المغول ويجمعها تحت لوائه، واتخذ الإرهاب وسيلة إلى هذا الجمع، فكان يصلب الأسرى على حمير من الخشب، أو يقطعهم إرباً، أو يقلي أجسامهم في القدور، أو يسلخ جلودهم وهم أحياء. ولما تلقى من إمبراطور الصين تنج دزونج رسالة يدعوه فيها للخضوع بصق في اتجاه عرش التنين، وبدأ من فوره حملته مجتازاً ألفاً ومائتين من الأميال في قلب صحراء جوبي، وهجم على ولايات الصين الغربية، ودمر من مدائنها تسعين مدينة سواها بالأرض حتى يستطيع الفرسان أن يسيروا فوق الأراضي المخربة في الظلام دون أن تعثر خيولهم. وظل "عاهل العالم" خمس سنين كاملة يخرب في بلاد الصين الشمالية. ثم أزعجه اقتران كوكبين من الكواكب رأى في اقترانهما نذير شؤم، فقفل راجعاً إلى قريته، ولكنه مرض ومات في الطريق.
وواصل خلفاؤه أو جوداي، ومانجو، وكوبلاي حملاته بقوة همجية؛ وكان الصينيون قد أهملوا فنون الحرب ووجهوا همهم كله مدة قرون عدة إلى الثقافة، فلم يثبتوا أمام الغزاة بل خروا صرعى يجللهم العار القومي والبطولة الفردية، وثبت أحد حكام الصين في جويتنج - فو وصمد للحصار حتى قتل المحاصرون كل من كان في المدينة من الشيوخ والعاجزين وأكلوا لحومهم، وهلك جميع القادرين على القتال ولم يبق لحراسة الأسوار إلا النساء، ثم أشعل النار في المدينة واحترق هو نفسه في قصره. واجتاحت جيوش كوبلاي بلاد الصين حتى وقفت أمام