للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم واصل يوزف جهوده ليخضع الأساقفة الكاثوليك لإشراف الدولة. فاشترط على الأساقفة الجدد أن يقسموا يمين الطاعة للسلطات العلمانية. وتقرر ألا تجار أي لائحة أو مرسوم بابوي في النمسا إلا بإذن الحكومة. أما الأوامر البابوية الصادرة في ١٣٦٢ و١٧١٣، التي دانت المهرطقين والجانسنيين فتهمل. على أن يوزف نظم أبرشيات جديدة، وبنى الكنائس الجديدة، وقد الرواتب لإعانة طلاب القسوسة، وفتح مدارس لاهوتية جديدة ووضع لها برنامجاً يؤكد على العموم المعارف العلمانية كاللاهوت والطقوس سواء بسواء.

وأثارت هذه القوانين الأكليروس في كل أرجاء أوربا. ورجا أحبار كثيرون يوزف أن يلغي مراسيمه المعادية للأكليروس. فلما لم يلق إليهم بالا هددوه بالجحيم، فايتسم ومضى في طريقه. وأخيراً اتخذ البابا بيوس السادس بشخصه، وكان رجلاً وسيماً مثقفاً رقيقاً مغروراً، خطوة غير مألوفة، إذ غادر إيطاليا (٢٧ فبراير ١٧٨٢) وعبر الابنين والألب في الشتاء ووصل إلى فيينا (٢٢ مارس) وقد عقد النية على الاتجاه برجاء شخصي للإمبراطور، وكانت هذه أول مرة منذ ١٤١٤ تطأ فيها أقدام أحد الباباوات أرض ألمانيا. أما يوزف خرج من المدينة مع رفيقيه في الشكوكية كاونتز ليرافقا الحبر الأعظم إلى الأجنحة التي كانت تشغلها ماريا تريزا. وخلال إفاقة البابا كانت الجموع تحتشد كل يوم تقريباً أمام القصر الملكي التماساً لبركته. وقد وصفهم بعد ذلك يوزف بهذه العبارات:

غصت جميع ممرات القصر وسلالمه بالناس، واستحال على الإنسان رغم مضاعفة عدد الحراس أن يحمي نفسه من كل الأشياء التي أتوا بها إليه ليباركها: أوشحة كتفيه، ومسبحات، وصور، وكان يتجمع لنيل البركة التي يمنحها من الشرفة سبع مرات في اليوم حشد من الناس لا يمكن أن يكون المرء فكرة عن ضخامته إلا إذا رآه. وليس من المبالغة القول أنه تجمع مرة ستون ألفاً على الأقل. وكان المنظر غاية