بطرسبورج. واستدعت كاترين الجيش من الجنوب ليدافع عن عاصمتها. فلما خف على الترك ضغط الروس ركزوا قوتهم على النمساويين. وحين ذهب يوزف ليقود جيشه رآه وقد أضعفته اللامبالاة وفرار الجند ومرضهم، فأمر بالتقهقر وعاد إلى فيينا يملؤه اليأس ويجلله العار. وسلم القيادة إلى لاودن، وهو من أبطال حرب السنين السبع وأنقذ المارشال العجوز شرف الجيش النمساوي باستيلائه على بلغراد (١٧٨٩). ولما فشل هجوم السويد على روسيا عاد جنود كاترين يتدفقون على الجنوب وتباروا مع الأتراك في مذابح رهيبة تركت الحياء منهم أكثر قليلاً من أعدائهم. وكان يوزف مغتبطاً بأمل النصر العسكري الذي طال ارتقابه، وإذا ببروسيا وإنجلترا والسويد وهولندا تتدخل لمساعدة الترك خوفاً من توسع الروس. ووجد يوزف فجأة أن جميع أوربا البروتستنتية تقريباً قد اتحدت وأخذت تمتشق الحسام ضده. وعاد ثانية يستنجد بفرنسا، ولكن فرنسا كانت في ١٧٨٩ مشغولة بالثورة. ووقعت بروسيا التي يملك عليها فردريك وليم الثاني حلفاً مع تركيا (يناير ١٧٩٠) وأرسلت العملاء لإذكاء الثورة على الإمبراطور في المجر والأراضي الواطئة النمساوية.
ورحبت المجر بهذه الدسائس لأنها كانت في ثورة سافرة على مراسيم يوزف في التجنيد الإجباري والضرائب وتغيير اللغة والإصلاح الديني. وفي ١٧٨٦ دعا إمريش مالونجي المجريين إلى انتخاب ملك خاص بهم. وفي ١٧٨٨ دبر رميجيوس فرانيو مؤامرة لجعل فردريك وليم ملكاً على المجر، وأفشى الكونتان أسترهاتي وكاروليي سر المؤامرة للإمبراطور فحكم على فرانيو بالسجن ستين عاماً. وفي ١٧٨٩ وجه مجلس الطبقات المجري إلى بروسيا نداء لتحرير المجر من سلطان النمسا. ولما بلغ نبأ الثورة الفرنسية للمجر دوت صيحات المطالبة بالاستقلال في أرجاء البلاد. أما يوزف الذي شعر بالموت يسري في عروقه فلم يعد له من القوة ما يمكنه من الثبات على موقفه. وحثه أخوه ليوبولد على الاستسلام. وفي يناير ١٧٩٠ أعلن ما يأتي:
"لقد قررنا أن نرد إدارة المملكة-أي المجر-إلى وضعها في ١٧٨٠