لقد أرسينا (الإصلاحات) بدافع الغيرة على الصالح العام مؤمنين أنكم بعد التجربة ستجدونها مبعث سرور لكم، بيد أننا الآن أقنعنا أنفسنا بأنكم تؤثرون النظام القديم … ولكننا نريد أن يظل قانون التسامح نافذاً … وكذلك قانون الأقنان ومعاملتهم وعلاقتهم بسادتهم" (٨٠).
وفي فبراير رد تاج القديس أسطفانوس إلى بودا وكان يلقى الترحيب والابتهاج من الجماهير في كل خطوة على الطريق. وهدأت الثورة.
أما الثورة في الأراضي الواطئة النمساوية فقد انطلقت بكل قوتها لأنها شعرت هناك بحرارة الحرة الثورية في فرنسا المجاورة. وأبى يوزف المصادقة على الوعد الذي قطعته شقيقته لمجلس برابانت بإلغاء الإصلاحات التي كرهوها. فأصدر الأمر بتنفيذها وأمر جنوده بإطلاق النار على أي حشود تقاومها، ففعلوا وقتل ستة من القائمين بالشغب في بروكسل (٢٢ يناير ١٧٨٨) وعدد غير معروف في أنتورب ولوفان. ودعا محامٍ من بروكسل يسمى هنري فان دن نوت أفراد الشعب إلى التسلح والتطوع في جيش استقلال. وأيد الأكليروس النداء تأييداً إيجابياً، وأضيف إليه حافز لم يكن في الحسبان هو نبأ سقوط الباستيل، وسرعان ما احتشد في الميدان عشرة آلاف من الوطنيين وعلى رأسهم قائدة أكفاء. وفي ٢٤ أكتوبر أذاع إعلان "للشعب البرابانتي" خلع يوزف الثاني من منصب الحاكم عليهم. وفي ٢٦ أكتوبر هزمت قوة من الوطنيين الجنود النمساويين. واحتل الثوار المدينة تلو المدينة. وفي ١١ يناير ١٧٩٠ أذاعت الأقاليم السبعة قرار استقلالها، وأعلنت قيام جمهورية الولايات المتحدة البلجيكية، واتخذت اسمها هذا من القبائل البلجيكية التي دوخت قيصر قبل ثمانية عشر قرناً. وأسعد إنجلترا وهولندا وبروسا أن تعترف بالحكومة الجديدة. واستنجد يوزف بفرنسا، ولكن فرنسا ذاتها كانت مشغولة بخلع ملكها. وبدا أن كل العالم القديم الذي عرفه يوزف يتمزق وينهار. ثم إن الموت كان يدعوه إليه.