للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدرامي المعبر عن "عواطف كل شعوب الأرض وعاداتهم وتقاليدهم ومراسمهم وأزيائهم (٥) ". ونسج جلوك هذه العناصر كلها في شكل أوبراوي جديد بفضل ما أوتي من كيمياء العبقرية العجيبة.

إن من أسرار المرء أن يغتنم الفرصة إذا سنحت. فما الذي حدا بجلوك إلى هجر نصوص أوبرات متاستازيو ويتخذ رانييرو دا كالتابيجي شاعراً لأوبرا "أورفير وأورديتشني"؟ لقد ولد كالزابيجي في ليفورنو. وبعد مغامرات في الحب والمال وفد على باريس ونشر هناك ترجمة لـ"الشعر الدرامي" لمتاستازيو (١٧٥٥) وقدم لها بـ"رسالة" أعرب فيها عن أمله في ظهور نوع جديد من الأوبرا-"كل مبهج يكون خلاصة التفاعل بين كورس كبير وبين الرقص والحركة التمثيلية التي يتحد فيها الشعر والموسيقى بطريقة رائعة (٦) ". فلما انتقل إلى فيينا أثار اهتمام دوراتزو بأفكاره عن الأوبرا، ودعاه الكونت ليكتب نصاً لأوبرا، فكتب .. "أورفيو وأورديتشي". وعرض دوراتزو القصيدة على جلوك، فرأى في الحبكة البسيطة الموحدة موضوعاً يمكن أن يبتعث كل طاقاته.

وقدمت النتيجة لفيينا في ٥ أكتوبر ١٧٦٢. واستطاع جلوك أن يجند لدور أورفيوس أكبر المغنين الخصيان ذوي الصوت الكونترالتو وهو جاتيانو جواديني. أما القصة فقديمة قدم الأوبرا، وقد استعملها أكثر من عشرة كتاب لنصوص الأوبرا بين ١٦٠٠، ١٧٦١، واستطاع جمهور السامعين تتبع الحركة دون أن يفقهوا الإيطالية. واستغنت الموسيقى عن السرد الذي لا يصاحبه العزف، والألحان الأساسية المعادة، ( da capo) ، والزخارف والمحسنات، وفيما عدا ذلك نهجت نهج الأسلوب الإيطالي ولكنها سمت إلى آفاق غنائية فيها من النقاء ما ندر أن بلغه أحد من قبل ولا من بعد. وصرخة اليأس المنبعثة من أورفيوس بعد أن أفقده الموت حبيبته مرة ثانية؟ Che Faro Sanz Euridice " ماذا أفعل بدون أورديتشي"؟ ما تزال أجمل ألحان الأوبرا قاطبة، ونحن