عظيم، وتثبيط للمزيد من الجهود ولمستقبل الأيام. وأني لأشعر بالسخط لأن موتسارت لم يستخدم إلى الآن في أي بلاط إمبراطوري أو ملكي. عفواً إن كنت قد خرجت عن الموضوع، فموتسارت رجل عزيز علي جداً" (٣٢).
وكان هايدن نفسه يتوق إلى بلاط تنشر فيه موهبته جناحيها على نطاق أوسع، ولكن كان عليه أن يقنع بالمجاملات الملكية. ووصلته الهدايا من فرديناند الرابع ملك نابلي وفردريك وليم الثاني ملك بروسيا وماريا فيودروفنا الأرشيدوقة الروسية. وفي ١٧٨١ بعث إليه شارل الثالث ملك أسبانيا علبة سعوط ذهبية مرصعة بالماس، وسافر السفير الأسباني لدى فيينا إلى استرهاتسي ليقدم إليه هذا الكنز الصغير بشخصه. ولعل لبوكيريني يداً في هذه اللفتة، وكان يومها يقيم في مدريد، لأنه اقتبس أسلوب هايدن بحماسة شديدة حتى لقد لقب بـ"زوجة هايدن" (٣٣). ولما قرر مجلس الكاتدرائية في قادس تكليف موسيقى بوضع الإطار الموسيقي لـ"كلمات مخلصنا السبع الأخيرة" رسا التكليف على هايدن، فاستجاب بأوراتوريو (١٧٨٥) لم يلبث أن أدى في أقطار كثيرة-في الولايات المتحدة الأمريكية في تاريخ مبكر (١٧٩١). وفي ١٧٨٤ طلب مخرج باريسي ست سمفونيات، فأتحفه هايدن بست "سمفونيات باريسية". ووصلته عدة دعوات ليقود الحفلات الموسيقية في لندن. وشعر هايدن بأنه مربوط باتسرهاتسي برباط الولاء كما هو مربوط برباط التعاقد، ولكن خطاباته الخاصة تشي بشوقه المتزايد إلى مسرح أرحب لفنه.
وفي ٢٨ سبتمبر ١٧٩٠ مات الأمير نيكلوس يوزف. ولم يكن الأمير الجديد انطون استرهاتسي ولوعاً بالموسيقى، ففصل كل الموسيقيين تقريباً، ولكنه احتفظ بهايدن اسمياً في خدمته، ومنحه معاشاً سنوياً قدره ألف وأربعمائة فلورين، وسمح له بأن يسكن حيث يشاء. وانتقل هايدن إلى فيينا لتوه تقريباً، وتلقى الآن عدة عروض، أعجلها من يوهان بيتر سالومون،