الذي صرح له بهذه العبارة "لقد جئت من لندن لآخذك معي، وسنبرم اتفاقنا غداً". وعرض عليه ٣٠٠ جنيه لقاء أوبرا جديدة، و٣٠٠ أخرى نظير ست سمفونيات، و٢٠٠ أخرى نظير حق تأليفها، و٢٠٠ أخرى نظير عشرين حفلة موسيقية في إنجلترا، و٢٠٠ أخرى نظير حفلة موسيقية تحيا فيها لصالح هايدن-ومجموعها كلها ١٢٠٠ جنيه. وكان هايدن يجهل الإنجليزية ويخشى عبور المانش. وتوسل إليه موتسارت ألا يضطلع بهذه الأعباء والمغامرات قائلاً "يا أبت لم تتلق أي تعليم يؤهلهم للعالم الواسع، وأنت لا تتكلم إلا القليل جداً من اللغات! " وأجاب هايدن "ولكن لغتي مفهومة في العالم كله". (٣٤) وباع البيت الذي منحه إياه الأمير ميكلوس يوزف في أيزنشتات، ودبر معاش زوجته وخليلته، ثم انطلق إلى مغامرته الكبرى. وأنفق مع موتسارت الأيام الأخيرة قبل الرحيل، وبكى موتسارت حين رآه يرحل (إنني أخشى يا أبتاه أن يكون هذا آخر وداع لنا).
وغادر هايدن وسالومون فيينا في ١٥ ديسمبر ١٧٩٠، ووصلا إلى لندن في أول يناير ١٧٩١. وكانت أولى حفلات هايدن الموسيقية (١١ مارس) انتصاراً له. وختمت "المورننج كرونكل" تقريرها عنها بهذه العبارة "لا نستطيع أن نخفي أملنا الوطيد في أن يكون في هذا الترحيب البالغ الذي لقيه منا أعظم عباقرة الموسيقى في جيلنا هذا ما يغريه بأن يتخذ مقامه في إنجلترا"(٣٥). ونجحت كل الحفلات الموسيقية، وفي ١٦ مايو أبهجت قلب هايدن حفلة أحييت لصالحه بـ٣٥٠ جنيه. وفي ذلك الشهر حضر حفلة تذكارية لهندل في كنيسة وستمنستر. واستمع إلى (المسيا) وبلغ به التأثر حد البكاء، وقال في تواضع (هندل، أستاذنا جميعاً)(٣٦). واقترح بيرني على جامعة أكسفورد أن تمنح هندل الجديد درجة فخرية، وقبل الاقتراح، وذهب هندل إلى الجامعة في يوليو، وأصبح دكتوراً في الموسيقى، وقاد هناك سمفونية في مقام G الكبير (رقم ٩٢) وكان قد ألفها قبل ثلاث سنوات، ولكن التاريخ يعرفها منذ ذلك الوقت بسمفونية