يستطيب هذه المواجهات الهارمونية، فإنه كتب نعظم كونشرتواته للبيانو، ففيها كان يعزف دور العازف المنفرد بنفسه مضيفة عادة في أواخر الحركة الأولى قفلة تتيح له أن يسرح ويمرح. وأن يتألق عازفاً بارعاً لآلته.
وأول ما بدأ يتفوق في هذا الضرب كان في كونشرتو البيانو رقم (٩) في مقام E المنخفض (ك ٢٧١). وأول كونشرتواته التي مازالت محببة للسامعين هي رقم ٢٠ في مقام D الصغير (ك٤٦٦) الشهرة بـ"الرومانتسي" الطفلية الطابع تقريباً. ويجوز لنا أن نقول أنه في هذه الحركة البطيئة بدأت الحركة الرومانسية في الموسيقى. وسواء كان السبب هو الكسل أو الشواغل، فإن موتسارت لم يكمل تدوين موسيقى هذا الكونشرتو إلا قبل ساعة من الزمن المحدد لأدائه (١١ فبراير ١٧٨٥)، ووصلت نسخة العازفون وأدى موتسارت دوره أداء خبير صناع، حتى لقد طلبت إعادة الكونشرتو مرات كثيرة في السنوات التالية.
وقدم موتسارت موسيقى رفيعة لآلات منفردة أخرى. ولعل الكونشرتو الرخيم في مقام A للكلارينت (ك٦٢٢) يصلنا مذاعاً مراراً أكثر من أي مؤلفاته الأخرى. وفي شبابه المرح (١٧٧٤) كان يستمتع أيما استمتاع بكونشرتو في مقام B المنخفض للباصون. وكانت كونشرتوات الهورن فقاعات تنفخ في مرح على النوتة-التي كانت أحياناً تحوي تعليمات مضحكة للعازف. " Da Bravo! Corraggio! Bestia! " لأن موتسارت كان خبيراً بأكثر من آلة نفخ واحدة. ثم يرفعنا كونشرتو الفلاوته والهارب (ك٢٩٩) إلى السماء الأعلى.
وفي ١٧٧٥ حين كان موتسارت في التاسعة عشرة ألف خمسة كونشرتوات للفيولينة وكلها رائع، وثلاثة منها ما زالت تحتويها ربرتوارات حية إلى اليوم. والكونشرتو رقم ٣ في مقام G ( ك٢٢٦) فيه حركة بطيئة (أداجو) انتشى لها رجل كآينشتاين (٥٣)، ورقم ٤ في مقام D من روائع الموسيقى، ورقم ٥ في مقام A فيه حركة غنائية معتدلة البطء تنافس معجزة صوت المرأة.