والثانية ٢٥ يوليو، والثالثة ١٠ أغسطس-ثلاثة أطفال أنجبت في ثلاثة أشهر. وعلى قدر علمنا لم تعزف واحدة منها في حياته قط، ولم يسمعها قط، بل ظلت في ذلك العالم الخفي الغامض الذي كانت فيه البقع السوداء المسطورة على فرخ من الورق في نظر مؤلفها-"قصائد معدة للغناء لا صوت لها"-علامات وإيقاعات لا يسمعها غير الذهن. والثالثة التي تسمى خطأ "جوبيتر" (رقم ٤١ بمقام C ك٥٥١) تعد عادة خيرها، ويرى شومان أنها تعدل أعمال شكسبير وبيتهوفن (٥١)، ولكنها لا تصلح لتذوق الهواة. والسمفونية رقم ٤٠ في مقام G الصغير (ك ٥٥٠) تبدأ بقوة ترهص بموسيقى Eroich ثم تتطور تطوراً دعا المعلقين-في نضالهم للتعبير عن الموسيقى بالألفاظ دون جدوى-إلى أن يقرؤوا فيها "ليرا" أو "مكبثا" من المأساة الشخصية (٥٢)، ولكنها للآذان الأبسط تبدو مبهجة بهجة ساذجة تقريباً. وهذه الآذان نفسها تجد أن أعظم السمفونيات إشباعاً لها هي رقم ٣٩ في مقام E المنخفض (ك٥٤٣)، فهي لا يثقلها كرب، ولا تعذبها التقنية، إنما هي الإيقاع واللحن ينسابان في غدير هادئ مطمئن، وهي من نوع الموسيقى التي قد تبهج قلوب الآلهة في إجازة ريفية من الأعباء السماوية.
و"السمفونية كونشرتانتي" هي هجين بين السمفونية والكونشرتو، وقد نبتت من الكونشرتو جروسو بمقابلة آلتين أو أكثر للأوركسترا في حوار بين الميلوديا والموسيقى المصاحبة. وقد ارتفع موتسات بهذا الشكل إلى ذروته في "السمفونية كونشرتانتي" في مقام E المنخفض (ك٣٦٤) للفلاوته والفيولينه والفيوله (١٧٧٩)، وهي لا تقل روعة عن أي من سمفونياته الأخرى.
وكان الكونشرتوات مبهجة، ففيها تعين فقرات العزف المنفرد الأذن غير المدربة على تتبع مواضيع وأنغام قد يحجبها في السمفونيات التعقيد التقني أو التفنن الكونترابنطي. والحوار فيها طريف، ويزداد طرافة إذا كانت المناظرة بين واحد والكل " Solo Contra Tutti" كما نرى في شكل الكونشرتو كما اقترحه كارل فليب إيمانويل باخ وطوره موتسارت. ولما كان موتسارت