صداها في بهاء التاريخ، وعلينا أن نستمتع بها لا أن نزنها. وحتى مع هذا، فإن القطعة الخفيفة رقم ١٥ (ك ٣٣٤) عملان قيمان، وأبعث للبهجة من معظم السمفونيات.
واستعمل موتسارت كما استعمل هايدن لسمفونياته "فرقة" من خمسة وثلاثين عازفاً، ومن ثم تقصر دون توصيل قيمتها الكاملة لآذان ألفت الجهورية المضاعفة في أوركسترات القرن العشرين ويطري النقاد السمفونية رقم ٢٥ (ك ١٨٣) لأنها "مشبوبة العاطفة (٤٦) ". و"آية في التعبير العنيف (٤٧) ". ولكن أقدم سمفونيات موتسارت المشهورة هي "باريس"(رقم ٣١ ك ٢٩٧) التي طوعها موتسارت لحب الفرنسيين للرقة والفتنة. أما سمفونية هافنر (رقم ٣٥ ك٣٨٥) فقد ألفت أصلاً على عجل لتزدان بها المهرجانات التي أعدها زجسموند هافنر، عودة سالزبورج السابق، لزفاف ابنته (١٧٨٢)، وفي تاريخ لاحق أضاف موتسارت إليها أدواراً للفولاوته والكلارنيت ثم قدمها في فيينا (٣ مارس ١٧٨٣) في حفلة حضرها يوزف الثاني "وصفق لي الإمبراطور تصفيقاً حاراً"، ونفحه بخمسة وعشرين دوقاتيه (٤٨). وفي هذه السمفونية ورقم ٣٦، التي كتبها في لنتز في نوفمبر ١٧٨٣، ظل موتسارت محافظاً على الشكل والطابع-المبهجين دائماً، العميقين فيما ندر-اللذين طبع بهما هايدن السمفونية، وفي السمفونيتين تقع الحركة البطيئة من الآذان المسنة موقع الاغتباط والعرفان. وعلينا أن نتكلم باحترام أكثر على السمفونية رقم ٣٨ التي ألفها موتسارت لبراغ في ١٧٨٦، هنا تبهج الحركة الأولى الموسيقى بمنطقها الغنائي ومهارتها الكونترابنطية، أما حركتها المعتدلة البطء (الأندانتي) التي أضافت التأمل إلى اللحن، فقد حملت الخبراء على الإشادة بـ "كمالها الخالد (٤٩) " وبـ "عالمها السحري (٥٠) ".
وهناك إجماع على أن أعظم سمفونيات موتسارت قاطبة هي الثلاث التي سكبها في سيل متدفق من الإلهام في صيف ١٧٨٨، في حقبة من حياته ألم به فيها فقر كئيب وأثقلته ديون متفاقمة. والأولى مؤرخة ٢٦ يونيو،