وكان يسود خطاباته ويظهر في موسيقاه روح الفكاهة حتى آخر سني عمره. وكان هذا الروح عادة ضاحكاً معابثاً في براءة، يشتد أحياناً فيصبح هجاء جاداً، وفي شبابه كان بين الحين والحين ينحرف إلى فحش القول وهجره. وقد مر بمرحلة من الافتتان بالغائط. وحين كان في الحادية والعشرين كتب لابنة عمه ماريا أنا تكلا موتسارت تسعة عشر خطاباً تلوثها سوقية لا تصدق (٦٠). وأشاد خطاب كتبه لأمه بالتطبل (أي امتلاء البطن بالغازات) نثراً وشعراً (٦١) ولم تكن أمه شديدة الاحتشام، فقد نصحت زوجها في خطاب كتبته له فقالت "اعتن بصحتك يا حبيبي، وادفع عجزك إلى فمك" ويبدو أن هذه العبارات "القعرية" كانت عرفاً سائداً في أسرة موتسارت وبيئتها، ولعلها كانت ميراثاً من جيل أشد شبقاً. على أنها لم تمنع موتسارت من أن يكتب لأبويه وشقيقته خطابات تفيض بأرق الحب. وكان في زعمه عريساً بكراً. فهل كان زوجاً وفيا؟ لقد اتهمته زوجته بـ"مغازلات الخدم (٦٣) " ويقول كاتب سيرته المخلص:
"وانتشرت الشائعات بين الجمهور وفي الصحف، وبولغ في وصف لحظات نادرة من الضعف عنده، فجعلت سمات مميزة لخلقه. فنسبت إليه مغازلة كل تلميذة من تلاميذه وكل مغنية كتب لها أغنية، وكان يعد من الفكاهات أن يلقب بالسلف الأول لدون جوان (٦٤) ".
وقد نجم عن كثرة لزوم زوجته الفراش للوضع، وتكرار أسفارها إلى المنتجعات الصحية وغيابه عنها في جولاته الموسيقية، وحساسيته لكل مفاتن النساء، واختلاطه بالمغنيات الفاتنات والممثلات المتحررات-نجم عن هذا كله موقف كانت فيه المغامرة لا مفر منها تقريباً. وقد روت كونستانتسي كيف أنه أعترف لها بـ"حماقة" من هذا النوع ولمَ غفرتها له-"لقد كان طيباً جداً بحيث يستحيل على الإنسان أن يغضب منه" ولكن أختها تقص أنباء تفجرات عنيفة بينهما بين الحين والحين (٦٥). ويلوح أن موتسارت كان شديد التعلق بزوجته، وقد أحتمل عيوبها ربة للبيت، وكان يكتب لها أثناء فراقهما خطابات تفيض إعزازاً كإعزاز الأطفال (٦٦).