ولم يكن موفقاً من الناحية الاجتماعية. من ذلك أنه قسا في الحكم على بعض منافسيه "إن صوناتات كلمنتي عديمة القيمة … فهو مشعوذ ككل الإيطاليين (٦٧) ". "بالأمس أسعدني الحظ بالاستماع إلى الهر فريهولت يعزف كونشرتواً من تأليفه التعس. ولم أجد فيه إلا القليل جداً مما يستحق الإعجاب (٦٨) ". ولكنه امتدح الرباعيات التي نشرها مؤخراً أجنازبلييل وإن نافست رباعياته. ووبخه أبوه لأنه يبغض الناس فيه بصلفه (٦٩)، وأنكر موتسارت الصلف، ولكن لا نكران في أنه لم يكن له إلا قلة ضئيلة من الأصدقاء بين موسيقيي فيينا، وأن روحه المتكبرة ألقت العقبات في طريق تقدمه. ذلك إن حظ الموسيقى في النمسا وألمانيا كان يعتمد على الطبقة الأرستقراطية، وقد رفض موتسارت أن يقدم النبالة على العبقرية.
ثم إنه عانى من معوق آخر هو أنه لم يختلف قط إلى المدرسة أو الجامعة. ولم يكن أبوه قد أتاح له متسعاً من الوقت للتعليم العام. وقد أقتنى موتسارت فيما اقتنى من كتب قليلة دواوين شعر لجسنر وفيلاند وجلليرت، ولكن يبدو أنه استعملها في الكثير الغالب مصدراً لنصوص ممكنة للأوبرات. وكان قليل الاكتراث للفن أو الأدب, وكان في باريس حين مات فولتير، فلم يستطع أن يفقه لم ضجت المدينة هذا الضجيج الكثير بسبب زيارة الثائر الهرم وموته. كتب لأبيه يقول "إن هذا الوغد الكافر فولتير قد نفق كأنه كلب، كأنه حيوان! وهذا جزاؤه الحق (٧٠) ". وقد تشرب بعض العداء لرجال الدين من أخواته الماسون، ولكنه شارك في موكب لعيد القربان المقدس وهو يمسك شمعة في يده (٧١).
ولعل سذاجة عقله هي التي جعلته محبوباً رغم أخطائه. فالذين لم ينافسوه في الموسيقى وجدوه أنيس المعشر بشوشاً رفيقاً هادئ الطبع عادة. كتبت أخت زوجته صوفي فيبر "لم أرَ موتسارت طوال حياتي هائج الطبع، ولا حتى غاضباً (٧٢) ". ولكن هناك روايات تناقض هذه. وكان بمثابة الحياة لكثير من الحفلات الخاصة، دائم الرغبة في العزف، دائم الاستعدادات لنكتة أو لعبة. وكان يحب البولنج، والبليارد، والرقص، ويبدو أحياناً فخوراً