ولكن موتسارت لم يودع ذلك المال في المصرف، بل أنفقها على مصروفاته الجارية، وعلى الترفيه، والملابس الفاخرة، وعلى تلبية حاجات الأصدقاء المتسولين. لهذا السبب وغيرها من أسباب أكثر غموضاً وقع في هوة الدين في ذروة الطلب على خدماته ومؤلفاته. وفي تاريخ مبكر (١٥ فبراير ١٧٨٣) كتب إلى البارونة فون فالدتشتيتن يقول إن أحد دائنيه هدده بأن "يقاضيني … وأنا في هذه اللحظة لا أستطيع الوفاء بالمبلغ-ولا حتى بنصفه … أتوسل إليك يا سيدتي بحق السماء أن تعيني على الاحتفاظ بشرفي وسمعتي (٧٩). وجاءه الفرج المؤقت من نجاح حفلة موسيقية أحييت لصالحه في مارس، إذ أتته بألف وستمائة جولدن، وقد أهدى بعض هذا المال لأبيه.
وفي مايو ١٧٨٣ انتقل إلى منزل حسن في رقم ٢٤٤ بميدان يودن. هناك ولد له طفله الأول (١٧ يونيو) "صبي جميل قوي، ملفوف كالكرة". ولان جانب الأب بفضل هذا الحدث والهدية بعد أن ساءه زواج ابنه. واستغل فولفجانج وكونستانتسي هذا اللين ليزورا ليوبولد ونانيرل في سالزبورج، بعد أن تركا الطفل في فيينا مع مربية. وفي ١٩ أغسطس مات الطفل. وبقي أبواه في سالزبورج لأن موتسارت كان قد رتب أن يعزف فيها قداسه في مقام C الصغير الذي سترتل فيه كونستانتسي. وأطال فولفجانج وكونستانتسي مكثهما فوق أصول الضيافة، لأن ليوبولد كان عليه أن يحسب حساب كل درهم، ورأى أن زيارة ثلاثة أشهر أطول مما يحتما. وفي طريق عودتهما إلى فيينا تخلفا في لنتز، حيث كلف الكونت فون تون موتسارت بكتابة سمفونية.
فلما عاد إلى بيته عكف بهمة على التدريس والتأليف والعزف والقيادة. وفي ثلاثة أشهر (٢٦ فبراير إلى ٣ إبريل ١٧٨٤) أحيا ثلاثة حفلات موسيقية وعزف في تسع عشرة حفلة أخرى (٨٠). وفي ديسمبر انضم إلى أحد المحافل الماسونية السبعة بفيينا، وأستمتع باجتماعاتهم، ولم يتردد في الموافقة على تأليف الموسيقى لأعيادهم. وفي فبراير قدم أبوه في زيارة طويلة بعد أن