للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من بينهم راهبان في القرن الثامن عشر. أولهما سوزونوفتش بيريزوفسكي الصبي الأوكراني الذي وهب صوتاً كأنما خلق ليتعبد الله. وأوفدته كاترين الثانية إلى إيطاليا على نفقة الدولة ليحصل أفضل التعليم الموسيقي، وعاش سنوات في بولونيا، وتعلم التأليف الموسيقي على البادري مارتيني. فلما عاد إلى روسيا كتب موسيقى دينية جمعت بين القوة الروسية والرشاقة الإيطالية. وقوبلت جهوده لإصلاح ترتيل الكورس بالمقاومة من أنصار القديم، فبات فريسة لاكتئاب مرضى، وقتل نفسه غير مجاوز الثانية والثلاثين (١٧٧٧) (١٦). أما الثاني، وهو أشهر منه، فاسمه ديمتري بورتنيانسكي، الذي أدخل وهو لا يزال طفلاً في السابعة كورس كنيسة البلاط، وناطت الإمبراطورة اليزابيث جالوبي بتعليمه، فلما عاد جالوبي إلى إيطاليا أوفدت كاترين الثانية ديمتري معه إلى البندقية ومنها انتقل إلى يد البادري مارتيني ثم إلى روما ونابلي، حيث ألف موسيقى على الطريق الإيطالية. وفي ١٧٧٩ عاد إلى روسيا، وسرعان ما عين مديراً لكورس كنيسة البلاط، وقد احتفظ بمنصبه هذا حتى مماته (١٨٢٥). وقد ألف لفرقة الترتيل قداساً يونانياً، وموسيقات في أربعة وثمانية أقسام لخمسة وخمسين مزموراً. وتدريبه للفرقة يرجع له أكثر الفضل في بلوغها مكانة من التفوق جعلتها إحدى عجائب العالم الموسيقي. وفي ١٩٠١ احتفلت سانت بطرسبرج بذكرى ميلاده المائة والخمسين بمظاهر الأبهة والفخامة.

أما الفن الروسي فقد سيطر عليه التأثير الفرنسي، ولكن الشخصية القائدة فيه كان إيطاليا يدعى فرانشيسكو، (أوبارتولوميو) راستريللي. وكان بطرس الأكبر قد استقدم أبلي كارلو إلى روسيا (١٧١٥)، فصب بالبرونز تمثالاً لبطرس ممتطياً صهوة جواد، وآخر بالحجم الطبيعي للإمبراورة أنا أيفانوفنا. وورث الابن طراز لويس الخامس عشر الذي جلبه كارلو من فرنسا، وأضاف إليه بعض ما استوحاه من روائع الباروك التي صنعها بلتازار نويمان وفيشر فون أرلاخ في ألمانيا والنمساء، وقد طوع هذه التأثيرات لحاجات روسيا وطرزها الفنية بانسجام فائق حتى أصبح المعماري المقرب للقيصرة اليزابيث. ويكاد يكون كل بناء روسي ذي خطر