ويسرق حسب منصبه (١٥)، ولكن الكل كانوا محسنين، وبزت الأكواخ القصور في كرم الضيافة. وكانت الوحشية والكرم صفتين شائعتين في المجتمع كله.
أما اللباس فيختلف من أزياء باريس العصرية في البلاط إلى القلانس من الفراء وجلد الغنم والقفازات الصفيقة التي يرتديها الفلاحون، ومن جوارب النبلاء الطويلة الحريرية إلى الأربطة الصوفية التي تحوي سيقان الأقنان وأقدامهم. وفي الصيف قد يستحم عامة الناس عراة في الأنهار متجاهلين الجنس. وكانت الحمامات الروسية كالتركية عنيفة ولكنها محبوبة. وفيما خلا هذا كان الاهتمام بالنظافة الصحية عارضاً، وحفظ الصحة العامة بدائياً. وكان انبلاء يحلقون لحاهم، أما عامة الشعب فيطلقونها رغم مراسيم بطرس الأكبر.
وكان في كل بيت تقريباً بالالايكا (جيتار)، وكان في سانت بطرسبرج على عهد اليزابيث وكاترين الثانية أوبرا مجلوبة من إيطاليا وفرنسا. وإليها وفد مشاهير المؤلفين والقادة الموسيقيين، وأبرع مغني العصر وعازفيه. وكان المال ينفق بسخاء على تعليم الموسيقى، وقد أثبت صوابه وفائدته بتفجير العبقرية الموسيقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وكان أصحاب الأصوات المبشرة من الذكور يرسلون من جميع أصقاع روسيا إلى الكنائس الكبرى لتدريبهم. ولما كانت الطقوس الكنسية اليونانية لا تبيح استعمال الآلات في الكورس، فإن الأصوات كانت حرة طليقة، فحققت من أعمال الانسجام والتناغم ما لم يكن له نظير في أي بلد آخر في العالم، وغنى الصبيان أدوار السوبرانو، ولكن المرتلين بأصوات الباص (العميقة الخفيفة) هم الذين أذهلوا كثيرين من الأجانب بمدى الخفض في أصواتهم وباتساع شعورهم من همسات الرقة والحنان إلى موجات القوة الحنجرية.
فمن تراهم مؤلفو هذه الموسيقى المؤثرة لفرق الترتيل الروسية، أكثرهم رهبان مغمورين لم تقرع الأجراس لموتهم ولم تشتهر أسمائهم. ويبرز