بيكون وديكارت ولوك وجروتيوس وبيل، وذبل إيمانه السني، فلم يؤيد الدين إلا بوصفه معواناً على الحكم (١٨). وقد خدم بطرس في حملات حربية خطرة. وأصبح حاكماً لأستراخان، واتهم بالاختلاس. (١٩) واجتمع له من جولاته ذخيرة من المعلومات الجغرافية والعرقية والتاريخية انتفع بها في كتابه "تاريه روسيا". وقد أغضب هذا الكتاب رجال الدين، ولم يجرؤ أحد على طبعه حتى السنوات السمحة الأولى من حكم كاترين الثانية (١٧٦٨ - ١٧٧٤).
وواصل ثاني هؤلاء الكتاب الثلاثة-وهو الأمير أنطيوخ كانتمير-التمرد على الهوت. كان ابناً لحاكم (هوسبودار) ملدافي، وجيء به إلى روسيا في عامه الثالث، وتعلم الحديث بست لغات، وخدم في السفارات الروسية في لندن وباريس، والتقى بمونتسكيو وموبرتوي، فلما عاد كتب نقداً لاذعاً لأولئك الغلاة من الوطنيين الداعين للجامعة السلافية، المعارضين لتلويث الحياة الروسية بالأفكار الغربية. وإلى القارئ طرفاً من قصيدته "إلى عقلي":
"أيها العقل الفج، يا ثمرة الدراسات الحديثة، أمسك، ولا تدفع القلم في يدي … ما أكثر الطرق السهلة المؤدية في زماننا هذا إلى أسباب التشريف، ولكن أقل الطرق تقبلاً هو الطريق الذي خططته الأخوات الحافيات التسع (ربات الفنون) … عليك أن تكد وتكدح هناك، وبينما تشقى أنت يتجنبك الناس كأنك الوباء ويتهكمون عليك، ويبغضونك … ... "أن الذي يكب على الكتب ينقلب كافراً"، هكذا يدمدم كريتو متذمراً في يده مسبحته … ويريدني أن أرى مبلغ الخطر في بذرة المعرفة التي تلقى بيننا: إن أطفالنا ..... مما يفزع الكنيسة، بدأوا يقرأون الكتاب المقدس، وهم يناقشون كل شيء ويريدون معرفة العلة لكل شيء، ولا يضعون في رجال الدين إلا أقل الثقة … إنهم لا يوقدون الشمع أمام الصور، ولا يحفظون المواسم والأعياد …
"أيها العقل، نصيحتي لك أن تصبح أشد صمماً من قطعة زلابية،