ولا تشك لأنك مغمور … وإذا كانت الحكمة المنعمة قد علمتك شيئاً، … فلا تشرحه لغيرك" (٢٠).
وزاد كانتيمير من إساءاته بترجمته كتاب فونتنيل "أحاديث حول تعدد العوالم"، وقد أدين الكتاب لأنه كوبرنيقي، مهرطق، مجدف، ولكن كانتيمير أحبط ما بيته له مضهدوه، فقد مات وهو في السادسة والثلاثين (١٧٤٤). ولم تجد هجائياته ناشراً يقدم على نشرها حتى عام ١٧٦٢.
وفي عهد القيصرة اليزابيث بدأ الأدب الروسي يؤكد ذاته شيئاً أكثر من مجرد كونه صدى للأدب الفرنسي. وقد شعر ثالث هؤلاء الكتاب، وهو ميخائيل لومونوزف، بالتأثير الألماني لا الفرنسي، وكان قد درس في ماربورج وفرايبورج، ثم تزوج فتاة ألمانية، وجلب معها إلى سانت بطرسبرج حملاً ثقيلاً من العلم. وأصبح سبع الأكاديمية المبرز في كل شيء حتى في الشراب (٢١). ورفض أن يتخصص، فكان عالماً في المعادن، وجيولوجياً، وكيميائياً، وكهربائياً، وفلكياً، واقتصادياً، وجغرافيا، ومؤرخاً، وفيلولوجياً، وخطيباً. وقد لقبه بوشكن "أول جامعة روسية" (٢٢) وفي غمار هذا كله كان يقرض الشعر:
وكان منافسه الأكبر على ثناء الطبقة المفكرة هو ألكسيس سوماروكوف الذي نشر ديواناً من القصائد الغنائية من نظمه ونظم لومونوسوف ليظهر أنه أشعر منه (وكان الفرق بينهما طفيفاً). أما مفخرة سوماروكوف الحقيقية فهي إنشاؤه مسرحاً قومياً روسياً (١٧٥٦) ألف له تمثيليات رددت صدى تمثيليات راسين وفولتير. وقد ألزمت اليزابيث حاشيتها بالحضور، وكانوا لا يدفعون أجراً عن دخول المسرح، فشكا سوماروكوف من أن راتب الخمسة آلاف روبل الذي يتقاضاه في العام لا يقيم أوده، ولا يعين مسرحه على الحياة. "إن ما كان الناس يشهدونه في أثينا يوماً وما يشهدونه اليوم في باريس، يشهدونه كذلك في روسيا بفضل اهتمامي … وفي ألمانيا لم يوفق حشد من الشعراء لما وفقت إلى صنعه بجهودي أنا وحدي" (٢٣).