لوثري. أما صوفيا فقد كسبت قلوباً كثيرة بطلبها قسيساً يونانياً. وأخيراً، في ٢١ أبريل، استطاعت أن تظهر أمام الناس. "كنت هزيلة كأنني هيكل عظمي … في وجهي وقسماتي غضون، وشعري ساقط، ولوني غاية في الشحرب"(٤٥) وأرسلت لها الإمبراطورة ملء قدر من "الروج".
وفي ٢٨ يونيو جازت صوفيا، في خشوع مؤثر، مراسم دخولها في المذهب الأرثوذكسي. وأضيف الآن إلى أسمائها اسمان هما إكاترينا ألكسيفنا؛ ومن ثم أصبحت منذ الآن تدعى كاترين. وفي صباح الغد، وفي الكتدرائية الكبرى، "أوسبنسكي سوبور"، خطبت رسمياً للغرندوق بطرس. وابتهج كل من رآها بتواضعها اللبق، وحتى بطرس بدأ يحبها. وبعد أربعة عشر شهراً من التدريب تزوجا في ٢١ أغسطس ١٧٤٥ في سانت بطرسبرج. وفي ١٠ أكتوبر رحلت أم كاترين قاصدة أرض الوطن.
وكان بطرس الآن في السابعة عشرة، وزوجته في السادسة عشرة. كانت جميلة، وكان قبيحاً لأنه أصيب بالجدري في سنة خطبتهما. وكانت من الناحية الفكرية شرهة يقظة، أما هو فيقول سولوفيف أنه "بدت عليه كل إمارات التخلف العقلي، وكان أشبه بطفل كبير"(٤٦)، يلهو بالدمى والعرائس والعساكر اللعب، ويولع بالكلاب حتى أنه يحتفظ بعدد منها في شقته، ولم تعرف كاترين أيهما شر من الآخر، نباحها أم رائحتها المنتنة (٤٧). ولم يحسن الموقف بالعزف على كمانه. وازداد ميله للشراب، "ومنذ١٧٥٣ كان يثمل بالشراب كل يوم تقريباً"(٤٨) وكثيراً ما كانت الإمبراطورة اليزابث توبخه على نقائصه، ولكنها لم تضف القدوة إلى الوصية. وكان الذي يزعجها أكثر هو كرهه السافر لروسيا التي سماها "بلداً لعيناً"(٤٩)، واحتقاره للكنيسة الأرثوذكسية وقساوستها، وأهم من هذا كله عبادته لفريدريك الأكبر، حتى أثناء اشتباك روسيا وبروسيا في حرب طاحنة، وأحاط نفسه بـ "حرس هولشتيني" من الجند كلهم تقريباً ألمان، وفي بيب لهوه بأورانينباوم كان يلبس أتباعه الزي الألماني، ويدربهم على الطريقة البروسية. وحين هرم القائدان الروسيان فرمور وسالتيكوف