لم تصطنعه، لأنها توقعت بحق ذلك الحكم الذي يصدره عليها اليوم في كل إنسان. " (٨) ووافق فولتير فردريك. أما بولس ابن كاترين، فبعد أن قرأ الأوراق الخاصة التي خلفتها أمه عند وفاتها، خلص إلى أن الكسي قتل بطرس دون أي أمر أو طلب من كاترين. (٩)
وخلقت الحادثة مشاكل لكاترين كما حلت مشاكل أخرى: فقد أوحت بسلسلة متعاقبة من المؤامرات لخلعها، وتركتها في انزعاج متصل وخطر داهم وسط فوضى الحكم التي اكتنفتها. كتبت عن هذه الحقبة فيما بعد فقالت: "ظل مجلس الشيوخ متبلداً يصم أذنيه عن شئون الدولة. وبلغت كراسي التشريع درجة من الفساد والتفسخ كادت تطمس معالمها. " (١٠) وكانت روسيا قد خرجت لتوها من حرب انتصرت فيها ولكنها كلفتها ثمناً فادحاً، فكانت الخزانة مدينة بثلاثة عشر مليون روبل، وتشكوا عجزاً بلغ سبعة ملايين روبل في العام، وافتضح حال المالية من رفض كبار المصرفيين الهولنديين إقراض المال لروسيا. وتأخرت رواتب الجند شهوراً كثيرة. وبلغ من سوء نظام الجيش أن كاترين خشيت أن يغزو تتار جنوبي روسيا إقليم أوكرانيا في أية لحظة. أما البلاط فقد اضطرب بالمؤامرات وأضدادها، وبالخوف من فقدان مناصب الكسب أو السلطة، أو الأمل في الظفر بها. وبعد سقوط بطرس بقليل ذهب السفير البروسي إلى أنه "من المؤكد أن حكم الإمبراطورة كاترين لن يكون أكثر من فاصل قصير في تاريخ العالم" (١١). وكان هذا من قبيل التمني، لأن فردريك حزن على موت حليفه العابد لشخصه. وأخذت كاترين تلغي الأوامر التي أصدرها بطرس لمساعدة فردريك.
وحاولت الإمبراطورة أن تهدئ معارضة رجال الدين بتأجيل تنفيذ المرسوم الذي أصدره بطرس بتأميم أراضي الكنيسة، ثم أدفأت صدور أنصارها بما خلعته عليهم من مكافآت سخية: فنفحت جريجوري أورلوف بخمسين ألف روبل، وفتح الطريق أمامه إلى الفراش الملكي. وأعيد بستوزيف من منفاه، ورد إلى حياة مريحة ولكن دون أن يرد إلى منصبه.