البروسيين والأتراك، ثم طلب تسريحه، ولكن طلبه رفض، ففر من الجيش، وقبض عليه، فعاودوا الفرار، وارتضى حياة طريد القانون. وفي نوفمبر ١٧٧٢، بعد أن شجعه الرهبان الساخطون، أعلن أنه بطرس الثالث الناجي بأعجوبة من كل المحاولات التي بذلت لقتله. وجذب الفلاحين وقطاع الطرق للانضواء تحت لوائه، حتى أحس بأن ساعده اشتد، فهجر بعصيان الغاصبة كاترين (سبتمبر ١٧٧٣). وتوافد عليه قوزاق الأورال والفولجا والدون؛ وآلاف الرجال الذين حكم عليهم بالسخرة في مناجم الأورال ومصاهر المعادن؛ وفئات "المؤمنين القدامى" التواقين إلى الإطاحة بالكنيسة الأرثوذكسية؛ وقبائل التتار والقرغيز والبشكير المحلية الذين لم ينسوا إكراه اليزابث لهم على الدخول في المسيحية؛ ثم أقنان آبقون من سادتهم، ومساجين هربوا من السجون: هؤلاء تقاطروا على لواء بوجاشيف حتى اجتمع له عشرون ألف رجل تحت إمرته. فزحفوا ظافرين من مدينة إلى مدينة، وهزموا القوات التي سيرها ضدهم الحكام المحليون، واستولوا على مدن هامة مثل قازان وساراتوف؛ ثم صادر المؤن، وقتلوا الملاك، وأكرهوا الفلاحين المعارضين على الانضمام إليهم، وزحفوا مصعدين في حوض الفولجا صوب موسكو. وأعلن بوجاشيف أن لن يرتقي هو العرش هناك، بل سيبوئة الغراندوق بولس. ولكنه-بمزاح رهيب على الأرجح-لقب زوجته الفلاحة بالملكة، وكبار ضابطه بأسماء ضباط كاترين: الكونت أورلوف، والكونت بانين، والكونت فورونشوف.
وسخرت كاترين أول الأمر من هذا "المركيز بوجاشيف"، ولكنها حين علمت أن العصاة استولوا على قازان، جردت قوة كبيرة تحت إمرة الجنرال بيوتر إيفانوفتش بانين لإخماد الفتنة. وخف النبلاء لنجدتها بعد أن أدركوا أن الخطر يتهدد هيكل الإقطاع بأسره، وسرعان ما انضم الجنرال الكسندر فاسيليفتش سوفوروف إلى بانين بفرسانه الذين أصبحوا أحراراً في التحرك بعد عقد الصلح مع الأتراك؛ وأوقع الخلل في صفوف العصاة التقاؤهم بجنود مدربين تحت قيادة ضباطهم الإمبراطوريين. فتقهقروا من موقع إلى آخر، واستنفدوا مؤنهم، وبدأوا يتضورون جوعاً. واعتقل بعض