تحكم على عمله من سلوكهما. ولكنها كانت تعلم كم أحسن تعليمهما، فقالت له "سيدي، لتكن يعقوبياً أو جمهورياً أو ما شئت، إنني مؤمنة بأنك رجل أمين، وهذا يكفيني. فابق مع حفيدي واحتفظ بكامل ثقتي، وعلمهما بما عهدته فيك من غيرة"(١١٤).
وفي وسط هذا الضجيج اتخذت آخر عشاقها (١٧٨٩) وهو بلاتون زوبوف. وكان في الخامسة والعشرين، وهي في الحادية والستينز وكتبت لعشيقها "الشرفي" بوتمكين تقول: "عدت إلى الحياة كأنني ذبابة خدرها البرد"(١١٥). واقترح "تلميذها" الجديد هجوماً مثلث الشعب على تركيا: جيش روسي بقيادة أخيه فاليران ذي الأربعة والعشرين ربيعاً يعبر القوقاز إلى فارس ويقطع كل تجارة اليابس بين تركيا والشرق؛ وجيش ثان بقيادة سوفوروف يتغلغل في البلقان ليحاصر الآستانة؛ ثم أسطول البحر الأسود الروسي، تحت إمرة الإمبراطورة نفسها ليتسلط على البوسفور. وبعد سنوات من الإعداد بدئ بتنفيذ هذه المغامرة الملحمية (١٧٩٦) واستولى الروس على دربنت وباكو؛ وتطلعت كاترين إلى انتصارات تكمل برنامجها وتتوج حياتها.
وفي صباح ١٧ نوفمبر ١٧٩٦ بدت مرحة كالعادة. وبعد الفطور اعتكفت في حجرتها. ومضى وقت ولم تظهر ثانية، فقرعت خادمتها الباب، فلما لم تجب دخلت، فوجدت الإمبراطورة منبطحة على الأرض، صريعة انفجار شريان في الدماغ، وفصدت مرتين، وأفاقت لحظة، ولكنها فقدت النطق. وفي العاشرة من مساء ذلك اليوم لفظت أنفاسها.
وأحس أعداؤها أنها لا تستحق ميتة رحيمة كهذه. ولم يغفروا لها قط تلك التناقضات بين مزاعمها التحررية وحكمها الاستبدادي، وضيقها بالمعارضة، وإخفاقها في تنفيذ الإصلاح المقترح للقانون الروسي، واستسلامها للنبلاء في توسيعها للقنية. ولم تحمد لها انتصاراتها تلك الأسر التي أفقرتها الضرائب الباهظة، أو التي ثكلت أبناءها بسبب حروبها. ولكن الشعب في جملته صفق لها لأنها مدت روسيا إلى حدود أرحب وأكثر أمناً. لقد