محباً للثأر. ومع أنني في أول لحظات غيضي قد أتوق للانتقام من أعدائي، إلا أنني لا قدرة لي أبداً على إنفاذ رغبتي، فالحنو يقف دائماً حائلاً بيني وبين الثأر" (١٧).
وتوحي قدرة بونياتوفسكي على أن يرى ذاته-ويعبر عنها-على هذا النحو الجميل بأنه ولد ليفكر ويكتب لا ليخطط وينفذ. وكان قد التقى بمونتسكيو وقرأ فولتير؛ واكتسب رهافة ونعومة المجتمع الفرنسي الفكرية مع درجة من تلك "الحساسية" التي أخذت تجد التعبير عنها في روسو. وكان شديد الحساسية للنساء، ويشعر أن ما أعطينه، جسداً وروحاً، لا يقدر بثمن. وقد شاع أنه قبض عليه في باريس لعدم وفائه بدين، ثم أطلق سراحه بعد حبسه ساعة، عندما دفعت مدام جوفران ١٠٠. ٠٠٠ جنيه ليفرج عنه"(١٨).
وبعد أن قضى في باريس خمسة أشهر، وإذا كان قد تعلم الإنجليزية، فقد مضى إلى إنجلترة واختلف إلى بعض جلسات البرلمان، وتطلع إلى إعادة تشكيل الموقف البولندي على غرار إنجلترة كما صورها مونتسكيو. فلما عاد من رحلاته (١٧٥٤) عين مشرفاً أول للتوانيا. وبعد عام رافق السير تشارلز هانبري وليمز إلى روسيا، وكانت النتائج كما أسلفنا. ثم عاد إلى وطنه عام ١٧٥٦، ولكنه ذهب إلى سانت بطرسبرج في ١٧٥٧ سفيراً لبولندة. وشارك في المؤامرة ضد اليزابث في ١٧٥٨، وأكره على الرحيل عن روسيا دون أن يمهل وحزنت كاترين على رحيله، ولكنها حين أيدته ليرتقي عرش بولندة لم يكن دافعها أنها لم تزل تحبه، بل لأنه (في زعمها) أقل حقاً في العرش من أي مرشح آخر، وإذن فخليق به أن يكون أكثر عرفاناً بهذا الصنيع (١٩). أما هو فلم يفق قط كا الإفاقة من تلك العلاقة الغرامية المثيرة، وكان يتذكر كاترين قبل أن تقسي السلطة قلبها، وبقي افتتانه بها حتى حين اتخذته مطية لإخضاع شعبه.
وبعد انتخابه بيومين أرسل النبأ إلى مدام جوفران:
"ماما العزيزة: يبدو أنني أجد لذة أعظم وأنا أدعوك بذلك الاسم