السلطات الكاثوليكية الرومانية مائتي كنيسة من أتباعها الروم الأرثوذكس وأعطتها لطائفة الموحدين، ومنعت الجاليا الأرثوذكسية من ترميم كنائسها القديمة وبناء أخرى جديدة. وفي حالات كثيرة فصل الأطفال عن آبائهم لينشأوا على طاعة الكنيسة الرومانية، وأسيئت معاملة القساوسة الأرثوذكس، وأعدم بعضهم (٢٤)، وكان بونياتوفسكي، وهو ربيب جماعة الفلاسفة الفرنسيين، ميالاً إلى التسامح الديني (٢٥)، ولكنه كان عليما بأن الديت سيقاوم بالقوة إن اقتضى الأمر، أي خطوة للسماح لغير الكاثوليكي الرومان بعضويته؛ وأحس أنه ينبغي تأجيل اقتراحاً كهذا حتى يستطيع تعديل من نوع ما لحق النقض المطلق أن يشد أزره. وأجاب فردريك وكاترين بأنهما لا يطلبان من بولندة أكثر مما يمنحانه لأقلياتهم الدينية. وقدم للديت الذي اجتمع في أكتوبر ونوفمبر ١٧٦٦ التماس من بروسيا وروسيا والدنمرك وبريطانيا العظمى بمنح اخوانهم في الدين في بولندة كامل حقوقهم المدنية.
وهناك أثارت بلاغة "كاجيتان سوليتك" أسقف كراكاو ثائرة النواب، فهبوا غاضبين وطالبوا لا برفض الالتماس فحسب، بل بتقديم مؤيديه البولنديين للمحاكمة لأنهم خونة لبولندة ولله (٢٦). ونجا بجلدهم من الموت نفر حاولوا الدفاع عن الملتمس (٢٧). وحاول بونياتوفسكي أن يهدئ المجلس بإصدار (نوفمبر ١٧٦٦) نبذة سماها "آراء مواطن صالح" ودعا فيها جميع البولنديين للوحدة القومية، وأنذرهم بأن الشعب المنقسم على ذاته يحرض على الغزو. ثم رجا في الوقت نفسه السير البولندي في بطرسبرج أن يفصل روسيا عن الدول موقعة الملتمس. وكتب يقول "لو أصروا على هذا (الملتمس) فإنس لا أتوقع غير عشية كعشية (مذبحة) القديس بارتولميو للمنشقين، وحصاداً من السفاكين أمثال رافياك يغتالونني .. وستحيل الإمبراطورة عباءتي الملكية رداء (للقنطور) نيسوس. وسيكون على أن اختار بين نبذ صاقتها وبين مناصبة وطني العداء". وردت عليه كاترين بطريق نيكولاي ربنان سفيرها في وارسو تقول "لا أستطيع أن أتصور كيف يرى الملك نفسه خائناً لوطنه مجرد أن يؤيد مطالب العدل والإنصاف"(٢٨).