فلنو ومنسك؛ أما بروسيا فأخذت ٢٣. ٠٠٠ ميل مربع من بولندة الغربية، يعيش فيها ١. ٠٠٠. ٠٠٠ من السكان بما فيها دانتزج وتورن؛ وبقي لبولندة ٨٠. ٠٠٠ ميل مربع و٤. ٠٠٠. ٠٠٠ نسمة-وهو يقرب من نصف ما ترك لها من قبل في ١٧٧٣. ولم يكن للنمسا نصيب في هذه الغنيمة الثانية، ولكن هدأتها الوعود الروسية بمساعدتها في الحصول على بافاريا. أما الدول الغربية التي كانت لا تزال منهمكة في صراعها مع فرنسا الثائرة فلم تتخذ أي إجراء ضد هذا الاغتصاب الثاني، الذي عللته لها كاترين بأنه ضرورة اقتضاها تطور الدعوة الثورية في وارسو، التي تهدد بالخطر جميع الملكيات.
ولكي تلبس هذه السرقة ثوب الشرعية أمرت بونيا توفسكي أن يدعو الديت للاجتماع في جرودنو، وأمرته بالحضور بشخصه ليوقع على تحالف مع روسيا فأبى الذهاب أول الأمر، ولكن حين عرضت الوفاء بديونه-التي بلغت الآن ١. ٥٦٦. ٠٠٠ دوقاتية-قبل هذا الإذلال الجديد خدمة لدائنيه. وزود السفير الروسي بالمال لرشوة عدد كاف من النواب ليحضروا اجتماع الديت، ولم يجد عناء في رشوة عدة أعضاء من بطانة الملك ليفشوا كل كلمة فاه بها سيدهم وكل عمل أتاه. وأمكن إقناع هذا "الديت الأخير"(١٧ يونيو إلى ٢٤ نوفمبر ١٧٩٣) بأن يوقع معاهدة مع روسيا، ولكنه ظل شهوراً يأبى التصديق على التقسيم الثاني. وقيل للأعضاء أنهم ممنوعون من مغادرة القاعة حتى يوقعوا، فظلوا على رفضهم وجلسوا صامتين اثنتي عشرة ساعة. ثم طرح الرئيس المسألة للتصويت، فلما لم يسمع جواباً أن السكوت علامة الرضى (٢٥ سبتمبر). وعاد ما بقي من أرض بولندة محمية روسية؛ وأعيد دستور ١٧٧٥.
وإذا كان في استطاعة رجل واحد أن يفتدي الأمة فذلك هو كوتشيوسكو أمده التشارتوريسكيون بالمال فذهب إلى باريس (يناير ١٧٩٣) والتمس معونة فرنسا لبلد يتعاطف في حرارة مع الثورة الفرنسية. وتعهد بأنه لو مدت فرنسا يد المعونة لبولندة لهب الفلاحون البولنديون في ثورة على القنية، وأهل المدن على النبلاء، وقال إن بونياتوفسكي سينزل عن عرشه ليكون النظام جمهورياً، وإن جيشاً بولندياً سيساند فرنسا في حربها مع بروسيا (٥١).