وأكملت الحرب تقسى خلقه الذي بدأ دفاعاً ضد قسوة أبيه. فكان يتطلع بهدوء رواقي بينما الجنود المحكوم عليهم يمرون ستاً وثلاثين مرة (٣) بين صفين من الرجال يجلدونهم. وكان يتعقب موظفيه وقواده ويزعجهم بالجواسيس السريين، والتدخل المفاجئ، واللغة البذيئة، والأجر الشحيح وبضروب من الأوامر التفصيلية تخنق روح المبادرة والاهتمام. ولم يكسب قط حب أخيه الأمير هنري الذي جد وأخلص في خدمته في الدبلوماسية والحرب. وكان له بعض الصديقات، ولكنهن كن يخفنه أكثر مما يحببنه، ولم يسمح لواحدة منهن بدخول دائرة أخصائه. كان يحترم المعاناة الصامتة التي عانتها ملكته التي أهملها، وعند عودته من الحرب فاجأها بهدية من ٢٥. ٠٠٠ طالر؛ ولكن من المشكوك فيه أنه شاركها فراشها إطلاقاً. ومع ذلك تعلمت أن تحبه إذا رأته بطلاً في المحن مخلصاً في الحكم؛ وكانت تشير إليه في حديثها عنه بعبارة "ملكنا العزيز" و "هذا الملك العزيز الذي أحبه وأعبده"(٤). ولم يكن له ولد، ولكنه كان شديد التعلق بكلابه، وكان اثنان منها ينامان عادة في حجرته ليلاً، ربما لحراسته؛ وكان أحياناً يستصحب أحدهما إلى فراشه ليدفئه بحرارة الحيوان. وعندما مات آخر كلابه الكثيرة لديه "بكى اليوم كله"(٥). وقد ظن به اللواط (٦). ولكنا لا نملك في هذه الشبهة غير التخمين.
وعلى أنه كان يخفي تحت جلده العسكري الصلب عناصر من الحنان نبدر أن كشف عنها أمام الناس. فقد بكى كثيراً لموت أمه، وكان يرد على محبة أخته فلهلمينه الحارة بمحبة مخلصة. وقد وزع على بنات أخيه بعض الأفضال الصغيرة غير الملحوظة. كان يضحك من عواطف روسو المفرطة، ولكنه اغتفر له عداءه وعرض عليه الملجأ حين نبذه العالم المسيحي. وكان يتنقل بين التدريب الصارم لجنوده وصفير الألحان من نايه. وقد ألف الصوناتات والكونشرتوات والسمفونيات التي شارك في أدائها أمام حاشيته. وسمعه العالم بيرني هناك، وقرر أنه عزف "بضبط شديد، واستهلال صافي منسق، ولعب بالأصابع بديع، وذوق نقي بسيط، ودقة بالغة في التنفيذ، إتقان